81

Magungunan Annabi

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Mai Buga Littafi

دار الهلال

Lambar Fassara

-

Inda aka buga

بيروت

سُكَّانِهَا، وَصَبُّ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَيْهِمْ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ، - وَهُوَ أَبْرَدُ أَوْقَاتِ الْيَوْمَ- يُوجِبُ جَمْعَ الْحَارِّ الْغَرِيزِيِّ الْمُنْتَشِرِ فِي الْبَدَنِ الْحَامِلِ لِجَمِيعِ قُوَاهُ، فَيُقَوِّي الْقُوَّةَ الدَّافِعَةَ، وَيَجْتَمِعُ مِنْ أَقْطَارِ الْبَدَنِ إِلَى بَاطِنِهِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ ذَاكَ الدَّاءِ، وَيَسْتَظْهِرُ بِبَاقِي الْقُوَى عَلَى دَفْعِ الْمَرَضِ الْمَذْكُورِ، فَيَدْفَعُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ ﷿، وَلَوْ أَنَّ بقراط، أَوْ جالينوس، أَوْ غَيْرَهُمَا، وَصَفَ هذا الدواء لهذا الداء، لخصعت لَهُ الْأَطِبَّاءُ، وَعَجِبُوا مِنْ كَمَالِ مَعْرِفَتِهِ. فصل فِي هَدْيِهِ ﷺ فِي إِصْلَاحِ الطَّعَامِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الذُّبَابُ، وَإِرْشَادِهِ إِلَى دَفْعِ مَضَرَّاتِ السُّمُومِ بِأَضْدَادِهَا فِي «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ، فَامْقُلُوهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً، وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً» «١» . وَفِي «سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ» عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أن رسول الله ﷺ قَالَ: «أَحَدُ جَنَاحَيِ الذُّبَابِ سُمٌّ، وَالْآخَرُ شِفَاءٌ، فَإِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ، فَامْقُلُوهُ، فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ السُّمَّ، وَيُؤَخِّرُ الشِّفَاءَ» «٢» . هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ أَمْرَانِ: أَمْرٌ فِقْهِيٌّ، وَأَمْرٌ طِبِّيٌّ، فَأَمَّا الْفِقْهِيُّ، فَهُوَ دَلِيلٌ ظَاهِرُ الدَّلَالَةِ جِدًّا عَلَى أَنَّ الذُّبَابَ إِذَا مَاتَ فِي مَاءٍ أَوْ مَائِعٍ، فَإِنَّهُ لَا يُنَجِّسُهُ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، وَلَا يُعْرَفُ فِي السَّلَفِ مُخَالِفٌ فِي ذَلِكَ. وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِمَقْلِهِ، وَهُوَ غَمْسُهُ فِي الطَّعَامِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الطَّعَامُ حَارًّا. فَلَوْ كَانَ يُنَجِّسُهُ لَكَانَ أَمْرًا بِإِفْسَادِ الطَّعَامِ، وَهُوَ ﷺ إِنَّمَا أَمَرَ بِإِصْلَاحِهِ، ثُمَّ عُدِّيَ هَذَا الْحُكْمُ إِلَى كُلِّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ، كَالنَّحْلَةِ وَالزُّنْبُورِ، وَالْعَنْكَبُوتِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ، إِذِ الْحُكْمُ يَعُمُّ بِعُمُومِ عِلَّتِهِ، وَيَنْتَفِي لِانْتِفَاءِ سببه، فلما

(١) أخرجه البخاري وأبو داود في الطب (٢) أخرجه ابن ماجه

1 / 83