75

Magungunan Annabi

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Mai Buga Littafi

دار الهلال

Lambar Fassara

-

Inda aka buga

بيروت

ضَرَرِهِ، وَمُقَاوَمَةُ كُلِّ كَيْفِيَّةٍ بِضِدِّهَا، وَدَفْعِ سُورَتِهَا بِالْأُخْرَى، وَهَذَا أَصْلُ الْعِلَاجِ كُلِّهِ، وَهُوَ أَصْلٌ فِي حِفْظِ الصِّحَّةِ، بَلْ عِلْمُ الطِّبِّ كُلُّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا. وَفِي اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ فِي الْأَغْذِيَةِ وَالْأَدْوِيَةِ إِصْلَاحٌ لَهَا وَتَعْدِيلٌ، وَدَفْعٌ لِمَا فِيهَا مِنَ الْكَيْفِيَّاتِ الْمُضِرَّةِ لِمَا يُقَابِلُهَا، وَفِي ذَلِكَ عَوْنٌ عَلَى صِحَّةِ الْبَدَنِ، وَقُوَّتِهِ وَخَصْبِهِ، قَالَتْ عائشة ﵂: سَمَّنُونِي بِكُلِّ شَيْءٍ، فَلَمْ أَسْمَنْ، فَسَمَّنُونِي بِالْقِثَّاءِ وَالرُّطَبِ، فَسَمِنْتُ. وَبِالْجُمْلَةِ: فَدَفْعُ ضَرَرِ الْبَارِدِ بِالْحَارِّ، وَالْحَارِّ بِالْبَارِدِ، وَالرُّطَبِ بِالْيَابِسِ، وَالْيَابِسِ بِالرُّطَبِ، وَتَعْدِيلُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مِنْ أَبْلَغِ أَنْوَاعِ الْعِلَاجَاتِ، وَحِفْظِ الصِّحَّةِ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمْرِهِ بِالسَّنَا والسنوات، وَهُوَ الْعَسَلُ الَّذِي فِيهِ شَيْءٌ مِنَ السَّمْنِ يَصْلُحُ بِهِ السَّنَا، وَيُعْدِلُهُ، فَصَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَى مَنْ بُعِثَ بِعِمَارَةِ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ، وَبِمَصَالِحِ الدنيا والآخرة. فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ ﷺ فِي الْحِمْيَةِ الدَّوَاءُ كُلُّهُ شَيْئَانِ: حِمْيَةٌ وَحِفْظُ صِحَّةٍ. فَإِذَا وَقَعَ التَّخْلِيطُ، احْتِيجَ إِلَى الِاسْتِفْرَاغِ الْمُوَافِقِ، وَكَذَلِكَ مَدَارُ الطِّبِّ كُلِّهِ عَلَى هَذِهِ الْقَوَاعِدِ الثَّلَاثَةِ. وَالْحِمْيَةُ: حِمْيَتَانِ: حِمْيَةٌ عَمَّا يَجْلِبُ الْمَرَضَ، وَحِمْيَةٌ عَمَّا يَزِيدُهُ، فَيَقِفُ عَلَى حَالِهِ، فَالْأَوَّلُ: حِمْيَةُ الْأَصِحَّاءِ وَالثَّانِيَةُ: حِمْيَةُ الْمَرْضَى، فَإِنَّ الْمَرِيضَ إِذَا احْتَمَى، وَقَفَ مَرَضُهُ عَنِ التَّزَايُدِ، وَأَخَذَتِ الْقُوَى فِي دَفْعِهِ. وَالْأَصْلُ فِي الْحِمْيَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا «١»، فَحَمَى الْمَرِيضَ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، لِأَنَّهُ يَضُرُّهُ. وَفِي «سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ» وَغَيْرِهِ عَنْ أم المنذر بنت قيس الأنصارية، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ومعه علي، وعلي نَاقِهٌ مِنْ مَرَضٍ، وَلَنَا دَوَالِي مُعَلَّقَةٌ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَأْكُلُ مِنْهَا، وَقَامَ علي يَأْكُلُ مِنْهَا، فَطَفِقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يقول لعلي

(١) النساء- ٤٣- المائدة- ٦

1 / 77