48

Magungunan Annabi

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Mai Buga Littafi

دار الهلال

Lambar Fassara

-

Inda aka buga

بيروت

وَفِي الترمذي، عَنْ أنس، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «كَوَى أَسْعَدَ بْنَ زُرَارَةَ مِنَ الشَّوْكَةِ» «١»، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ وَفِيهِ «وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ» وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: «وَأَنَا أَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الْكَيِّ» . وَفِي «جَامِعِ الترمذي» وَغَيْرِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنِ الْكَيِّ قَالَ: فَابْتُلِينَا فَاكْتَوَيْنَا فَمَا أَفْلَحْنَا، وَلَا أَنْجَحْنَا. وَفِي لَفْظٍ: نُهِينَا عَنِ الْكَيِّ وَقَالَ: فَمَا أَفْلَحْنَ وَلَا أَنْجَحْنَ «٢» . قَالَ الخطابي: إِنَّمَا كَوَى سعدا لِيَرْقَأَ الدَّمَ مِنْ جُرْحِهِ، وَخَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِفَ فَيَهْلَكَ. وَالْكَيُّ مُسْتَعْمَلٌ فِي هَذَا الْبَابِ، كَمَا يُكْوَى مَنْ تُقْطَعُ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ. وَأَمَّا النَّهْيُ عَنِ الْكَيِّ، فَهُوَ أَنْ يَكْتَوِيَ طَلَبًا لِلشِّفَاءِ، وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَكْتَوِ، هَلَكَ، فَنَهَاهُمْ عَنْهُ لِأَجْلِ هَذِهِ النِّيَّةِ. وَقِيلَ إِنَّمَا نَهَى عَنْهُ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ خَاصَّةً، لِأَنَّهُ كَانَ بِهِ نَاصُورٌ، وَكَانَ مَوْضِعُهُ خَطَرًا، فَنَهَاهُ عَنْ كَيِّهِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ مُنْصَرِفًا إِلَى الْمَوْضِعِ الْمُخَوَّفِ مِنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ ابن قتيبة: الْكَيُّ جِنْسَانِ: كَيُّ الصَّحِيحِ لِئَلَّا يَعْتَلَّ، فَهَذَا الَّذِي قِيلَ فِيهِ: لَمْ يَتَوَكَّلْ مَنِ اكْتَوَى، لِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَدْفَعَ الْقَدَرَ عَنْ نَفْسِهِ. وَالثَّانِي: كَيُّ الْجُرْحِ إِذَا نَغِلَ، وَالْعُضْوِ إِذَا قُطِعَ، فَفِي هَذَا الشِّفَاءُ. وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْكَيُّ لِلتَّدَاوِي الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يَنْجَعَ، وَيَجُوزُ ألاينجع، فَإِنَّهُ إِلَى الْكَرَاهَةِ أَقْرَبُ. انْتَهَى. وَثَبَتَ فِي «الصَّحِيحِ» فِي حَدِيثِ السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ أَنَّهُمُ الَّذِينَ لَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» «٣» . فَقَدْ تَضَمَّنَتْ أَحَادِيثُ الْكَيِّ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ، أَحَدُهَا: فِعْلُهُ؛ وَالثَّانِي: عَدَمُ مَحَبَّتِهِ لَهُ، وَالثَّالِثُ: الثَّنَاءُ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ، وَالرَّابِعُ: النَّهْيُ عَنْهُ، وَلَا تعارض بينهما بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ فِعْلَهُ يَدُلُّ عَلَى جِوَازِهِ، وَعَدَمُ مَحَبَّتِهِ لَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى المنع منه. وأما الثناء على

(١) أخرجه الترمذي- «الشوكة» داء معروف- انظر القاموس (٢) أخرجه الترمذي وأبو داود وابن ماجه (٣) أخرجه البخاري ومسلم

1 / 50