249

Magungunan Annabi

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Mai Buga Littafi

دار الهلال

Lambar Fassara

-

Inda aka buga

بيروت

مَصَالِحُهُمَا بِمِثْلِ الصَّلَاةِ، وَسِرُّ ذَلِكَ أَنَّ الصَّلَاةَ صِلَةٌ بِاللَّهِ ﷿، وَعَلَى قَدْرِ صِلَةِ الْعَبْدِ بِرَبِّهِ ﷿ تُفْتَحُ عَلَيْهِ مِنَ الْخَيْرَاتِ أَبْوَابُهَا، وَتُقْطَعُ عَنْهُ مِنَ الشُّرُورِ أَسْبَابُهَا، وَتُفِيضُ عَلَيْهِ مَوَادُّ التَّوْفِيقِ مِنْ رَبِّهِ ﷿، وَالْعَافِيَةُ وَالصِّحَّةُ، وَالْغَنِيمَةُ وَالْغِنَى، وَالرَّاحَةُ وَالنَّعِيمُ، وَالْأَفْرَاحُ وَالْمَسَرَّاتُ، كُلُّهَا مُحْضَرَةٌ لَدَيْهِ، وَمُسَارِعَةٌ إِلَيْهِ. صبر: «الصَّبْرُ نِصْفُ الْإِيمَانِ» «١»، فَإِنَّهُ مَاهِيَّةٌ مُرَكَّبَةٌ مِنْ صَبْرٍ وَشُكْرٍ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: الْإِيمَانُ نِصْفَانِ: نِصْفٌ صَبْرٌ، وَنِصْفٌ شُكْرٌ، قَالَ تَعَالَى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ «٢» . وَالصَّبْرُ مِنَ الْإِيمَانِ بِمَنْزِلَةِ الرَّأْسِ مِنَ الْجَسَدِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: صَبْرٌ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ فَلَا يُضَيِّعُهَا، وَصَبْرٌ عَنْ مَحَارِمِهِ، فَلَا يَرْتَكِبُهَا وَصَبْرٌ عَلَى أَقْضِيَتِهِ وَأَقْدَارِهِ، فَلَا يَتَسَخَّطُهَا، وَمَنِ اسْتَكْمَلَ هَذِهِ الْمَرَاتِبَ الثَّلَاثَ، اسْتَكْمَلَ الصَّبْرَ، وَلَذَّةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَنَعِيمَهَا، وَالْفَوْزُ وَالظَّفَرُ فِيهِمَا، لَا يَصِلُ إِلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا عَلَى جِسْرِ الصَّبْرِ، كَمَا لَا يَصِلُ أَحَدٌ إِلَى الْجَنَّةِ إِلَّا عَلَى الصِّرَاطِ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁: خَيْرُ عَيْشٍ أَدْرَكْنَاهُ بِالصَّبْرِ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَ مَرَاتِبَ الْكَمَالِ الْمُكْتَسَبِ فِي الْعَالَمِ، رَأَيْتَهَا كُلَّهَا مَنُوطَةً بِالصَّبْرِ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَ النُّقْصَانَ الَّذِي يُذَمُّ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ، وَيَدْخُلُ تَحْتَ قُدْرَتِهِ، رَأَيْتَهُ كُلَّهُ مِنْ عَدَمِ الصَّبْرِ، فَالشَّجَاعَةُ وَالْعِفَّةُ، وَالْجُودُ وَالْإِيثَارُ كُلُّهُ صَبْرُ سَاعَةٍ. فَالصَّبْرُ طِلَّسْمٌ عَلَى كَنْزِ الْعُلَى ... مَنْ حَلَّ ذَا الطِّلَّسْمَ فَازَ بِكَنْزِهِ وَأَكْثَرُ أَسْقَامِ الْبَدَنِ وَالْقَلْبِ، إِنَّمَا تَنْشَأُ عَنْ عَدَمِ الصَّبْرِ، فَمَا حُفِظَتْ صِحَّةُ الْقُلُوبِ وَالْأَبْدَانِ وَالْأَرْوَاحِ بِمِثْلِ الصَّبْرِ، فَهُوَ الْفَارُوقُ الْأَكْبَرُ، وَالتِّرْيَاقُ الْأَعْظَمُ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا مَعِيَّةُ اللَّهِ مَعَ أَهْلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ مَعَ الصابرين ومحبته لهم، فإن الله

(١) أخرجه أبو نعيم في الحلية، والخطيب في تاريخه، والبيهقي في شعب الإيمان. (٢) ابراهيم- ٥٠.

1 / 251