164

Magungunan Annabi

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Mai Buga Littafi

دار الهلال

Lambar Fassara

-

Inda aka buga

بيروت

الْأَطْعِمَةِ الْعَفِنَةِ وَالْمَالِحَةِ، كَالْكَوَامِخِ وَالْمُخَلَّلَاتِ، وَالْمُلُوحَاتِ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ ضَارٌّ مُوَلِّدٌ لِأَنْوَاعٍ مِنَ الْخُرُوجِ عَنِ الصِّحَّةِ وَالِاعْتِدَالِ. وَكَانَ يُصْلِحُ ضَرَرَ بَعْضِ الْأَغْذِيَةِ بِبَعْضٍ إِذَا وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، فَيَكْسِرُ حَرَارَةَ هَذَا بِبُرُودَةِ هَذَا، وَيُبُوسَةَ هَذَا بِرُطُوبَةِ هَذَا، كَمَا فَعَلَ فِي الْقِثَّاءِ وَالرُّطَبِ، وَكَمَا كَانَ يَأْكُلُ التَّمْرَ بِالسَّمْنِ، وَهُوَ الْحَيْسُ، وَيَشْرَبُ نَقِيعَ التَّمْرِ يُلَطِّفُ بِهِ كَيْمُوسَاتِ الْأَغْذِيَةِ الشَّدِيدَةِ. وَكَانَ يَأْمُرُ بِالْعَشَاءِ، وَلَوْ بِكَفٍّ مِنْ تَمْرٍ، وَيَقُولُ: «تَرْكُ الْعَشَاءِ مَهْرَمَةٌ»، ذَكَرَهُ الترمذي فِي «جَامِعِهِ»، وَابْنُ مَاجَهْ فِي «سُنَنِهِ» «١» وَذَكَرَ أبو نعيم عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنِ النَّوْمِ عَلَى الْأَكْلِ، وَيَذْكُرُ أَنَّهُ يُقَسِّي الْقَلْبَ، وَلِهَذَا فِي وَصَايَا الْأَطِبَّاءِ لِمَنْ أَرَادَ حِفْظَ الصِّحَّةِ: أَنْ يَمْشِيَ بَعْدَ الْعَشَاءِ خُطُوَاتٍ وَلَوْ مِائَةَ خُطْوَةٍ، وَلَا يَنَامُ عَقِبَهُ، فَإِنَّهُ مُضِرٌّ جِدًّا، وَقَالَ مُسْلِمُوهُمْ: أَوْ يُصَلِّي عَقِيبَهُ لِيَسْتَقِرَّ الْغِذَاءُ بِقَعْرِ الْمَعِدَةِ، فَيَسْهُلَ هَضْمُهُ، وَيَجُودَ بِذَلِكَ. وَلَمْ يَكُنْ مِنْ هَدْيِهِ أَنْ يَشْرَبَ عَلَى طَعَامِهِ فَيُفْسِدَهُ، وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ الْمَاءُ حَارًّا أَوْ بَارِدًا، فَإِنَّهُ رَدِيءٌ جِدًّا. قَالَ الشَّاعِرُ: لَا تَكُنْ عِنْدَ أَكْلِ سُخْنٍ وَبَرْدٍ ... وَدُخُولِ الْحَمَّامِ تَشْرَبُ مَاءَ فَإِذَا مَا اجْتَنَبْتَ ذَلِكَ حَقًّا ... لَمْ تَخَفْ مَا حَيِيتَ فِي الْجَوْفِ دَاءَ وَيُكْرَهُ شُرْبُ الْمَاءِ عَقِيبَ الرِّيَاضَةِ، وَالتَّعَبِ، وَعَقِيبَ الْجِمَاعِ، وَعَقِيبَ الطَّعَامِ وَقَبْلَهُ، وَعَقِيبَ أَكْلِ الفاكهة، وإن كان الشرب عقيب بعضها أسهب مِنْ بَعْضٍ، وَعَقِبَ الْحَمَّامِ، وَعِنْدَ الِانْتِبَاهِ مِنَ النَّوْمِ، فَهَذَا كُلُّهُ مُنَافٍ لِحِفْظِ الصِّحَّةِ، وَلَا اعتبار بالعوائد، فإنها طبائع ثوان.

(١) أخرجه الترمذي في الأطعمة. وأخرجه ابن ماجه.

1 / 166