152

Magungunan Annabi

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Mai Buga Littafi

دار الهلال

Lambar Fassara

-

Inda aka buga

بيروت

وَتَصْرِيفِهِمْ كَمَا يَشَاءُ، فَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِمْ إِلَّا بِالْعَدْلِ وَالْحِكْمَةِ، وَالْإِحْسَانِ وَالرَّحْمَةِ. فَقَوْلُهُ: مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ: مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها، وَقَوْلُهُ: عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ: إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، ثُمَّ تَوَسَّلَ إِلَى رَبِّهِ بِأَسْمَائِهِ الَّتِي سَمَّى بِهَا نَفْسَهُ مَا عَلِمَ الْعِبَادُ مِنْهَا وَمَا لَمْ يَعْلَمُوا. وَمِنْهَا: مَا اسْتَأْثَرَهُ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهِ مَلَكًا مُقَرَّبًا، وَلَا نَبِيَّا مُرْسَلًا، وَهَذِهِ الْوَسِيلَةُ أَعْظَمُ الْوَسَائِلِ، وَأَحَبُّهَا إِلَى اللَّهِ، وَأَقْرَبُهَا تَحْصِيلًا لِلْمَطْلُوبِ. ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْقُرْآنَ لِقَلْبِهِ كَالرَّبِيعِ الَّذِي يَرْتَعُ فِيهِ الْحَيَوَانُ، وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ رَبِيعُ الْقُلُوبِ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ شِفَاءَ هَمِّهِ وَغَمِّهِ، فَيَكُونَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّوَاءِ الَّذِي يَسْتَأْصِلُ الدَّاءَ، وَيُعِيدُ الْبَدَنَ إِلَى صِحَّتِهِ وَاعْتِدَالِهِ، وَأَنْ يَجْعَلَهُ لِحُزْنِهِ كَالْجَلَاءِ الذي يحلو الطُّبُوعَ وَالْأَصْدِيَةَ وَغَيْرَهَا فَأَحْرَى بِهَذَا الْعِلَاجِ إِذَا صَدَقَ الْعَلِيلُ فِي اسْتِعْمَالِهِ أَنْ يُزِيلَ عَنْهُ دَاءَهُ، وَيُعْقِبَهُ شِفَاءً تَامًّا، وَصِحَّةً وَعَافِيَةً، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ. وَأَمَّا دَعْوَةُ ذِي النُّونِ: فَإِنَّ فِيهَا مِنْ كَمَالِ التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ لِلرَّبِّ تَعَالَى وَاعْتِرَافِ الْعَبْدِ بِظُلْمِهِ وَذَنْبِهِ مَا هُوَ مِنْ أَبْلَغِ أَدْوِيَةِ الْكَرْبِ وَالْهَمِّ وَالْغَمِّ، وَأَبْلَغِ الْوَسَائِلِ إِلَى اللَّهِ- سُبْحَانَهُ- فِي قَضَاءِ الْحَوَائِجِ، فَإِنَّ التَّوْحِيدَ والتنزيه يتضمنان إثبات كل كمال لله، وَسَلْبَ كُلِّ نَقْصٍ وَعَيْبٍ وَتَمْثِيلٍ عَنْهُ. وَالِاعْتِرَافُ بِالظُّلْمِ يَتَضَمَّنُ إِيمَانَ الْعَبْدِ بِالشَّرْعِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَيُوجِبُ انْكِسَارَهُ وَرُجُوعَهُ إِلَى اللَّهِ، وَاسْتِقَالَتَهُ عَثْرَتَهُ، والاعتراف بعبوديته، وافتقاره إلى ربه، فها هنا أَرْبَعَةُ أُمُورٍ قَدْ وَقَعَ التَّوَسُّلُ بِهَا: التَّوْحِيدُ، وَالتَّنْزِيهُ، وَالْعُبُودِيَّةُ وَالِاعْتِرَافُ. وَأَمَّا حَدِيثُ أبي أمامة: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، فَقَدْ تَضَمَّنَ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ ثَمَانِيَةِ أَشْيَاءَ، كُلُّ اثْنَيْنِ مِنْهَا قَرِينَانِ مُزْدَوَجَانِ، فَالْهَمُّ وَالْحَزَنُ أَخَوَانِ، وَالْعَجْزُ وَالْكَسَلُ أَخَوَانِ، وَالْجُبْنُ وَالْبُخْلُ أَخَوَانِ، وَضَلَعُ الدَّيْنِ وَغَلَبَةُ الرِّجَالِ أَخَوَانِ، فَإِنَّ الْمَكْرُوهَ الْمُؤْلِمَ إِذَا وَرَدَ عَلَى الْقَلْبِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ سَبَبُهُ أَمْرًا مَاضِيًا، فَيُوجِبُ لَهُ الْحُزْنَ، وَإِنْ كَانَ أَمْرًا مُتَوَقَّعًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، أَوْجَبَ الْهَمَّ، وَتَخَلَّفُ الْعَبْدِ عَنْ مَصَالِحِهِ وَتَفْوِيتُهَا عَلَيْهِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ وَهُوَ الْعَجْزُ، أَوْ مِنْ عَدَمِ الْإِرَادَةِ وَهُوَ الْكَسَلُ، وَحَبْسُ خَيْرِهِ وَنَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَنِي جِنْسِهِ، إما

1 / 154