Magungunan Annabi
الطب النبوي لابن القيم - الفكر
Mai Buga Littafi
دار الهلال
Lambar Fassara
-
Inda aka buga
بيروت
وَفِي تَأْثِيرِ قَوْلِهِ: «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ» فِي دَفْعِ هَذَا الدَّاءِ مُنَاسَبَةٌ بَدِيعَةٌ، فَإِنَّ صِفَةَ الْحَيَاةِ مُتَضَمِّنَةٌ لِجَمِيعِ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ، وَلِهَذَا كَانَ اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى: هُوَ اسْمُ الْحَيِّ الْقَيُّومِ، وَالْحَيَاةُ التَّامَّةُ تُضَادُّ جَمِيعَ الْأَسْقَامِ وَالْآلَامِ، وَلِهَذَا لَمَّا كَمُلَتْ حَيَاةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَمْ يَلْحَقْهُمْ هَمٌّ وَلَا غَمٌّ وَلَا حَزَنٌ وَلَا شَيْءٌ مِنَ الْآفَاتِ. وَنُقْصَانُ الْحَيَاةِ تَضُرُّ بِالْأَفْعَالِ، وَتُنَافِي الْقَيُّومِيَّةَ، فَكَمَالُ الْقَيُّومِيَّةِ لِكَمَالِ الْحَيَاةِ، فَالْحَيُّ الْمُطْلَقُ التَّامُّ الْحَيَاةِ لَا تَفُوتُهُ صِفَةُ الْكَمَالِ الْبَتَّةَ، وَالْقَيُّومُ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ فِعْلٌ مُمْكِنٌ الْبَتَّةَ، فَالتَّوَسُّلُ بِصِفَةِ الحياة والقيومية لَهُ تَأْثِيرٌ فِي إِزَالَةِ مَا يُضَادُّ الْحَيَاةَ، وَيَضُرُّ بِالْأَفْعَالِ.
وَنَظِيرُ هَذَا تَوَسُّلُ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى رَبِّهِ بِرُبُوبِيَّتِهِ لِجِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ أَنْ يَهْدِيَهُ لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ، فَإِنَّ حَيَاةَ الْقَلْبِ بِالْهِدَايَةِ، وَقَدْ وَكَّلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَؤُلَاءِ الْأَمْلَاكَ الثَّلَاثَةَ بِالْحَيَاةِ، فَجِبْرِيلُ مُوَكَّلٌ بِالْوَحْيِ الَّذِي هُوَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ، وَمِيكَائِيلُ بِالْقَطْرِ الَّذِي هُوَ حَيَاةُ الْأَبْدَانِ وَالْحَيَوَانِ، وَإِسْرَافِيلُ بِالنَّفْخِ فِي الصُّورِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ حَيَاةِ الْعَالَمِ وَعَوْدِ الْأَرْوَاحِ إِلَى أَجْسَادِهَا، فَالتَّوَسُّلُ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِرُبُوبِيَّةِ هَذِهِ الْأَرْوَاحِ الْعَظِيمَةِ الْمُوَكَّلَةِ بِالْحَيَاةِ، لَهُ تَأْثِيرٌ فِي حُصُولِ الْمَطْلُوبِ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ لِاسْمِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ تَأْثِيرًا خَاصًّا فِي إِجَابَةِ الدَّعَوَاتِ، وَكَشْفِ الْكُرُبَاتِ، وَفِي «السُّنَنِ» وَ«صَحِيحِ أبي حاتم» مَرْفُوعًا: «اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ «١» وَفَاتِحَةِ آلِ عِمْرَانَ الم اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ، قَالَ الترمذي. حَدِيثٌ صَحِيحٌ «٢» .
وَفِي «السُّنَنِ» وَ«صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ» أَيْضًا: مِنْ حَدِيثِ أنس أَنَّ رَجُلًا دَعَا، فَقَالَ: اللُّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وإذا سئل به أعطى» «٣» .
(١) البقرة- ١٦٣. (٢) أخرجه الترمذي في الدعوات، وابن ماجة في الدعاء، وأبو داود في الصلاة، والدارمي. (٣) أخرجه النسائي في السهو، وأبو داود في الصلاة.
1 / 152