132

Magungunan Annabi

الطب النبوي لابن القيم - الفكر

Mai Buga Littafi

دار الهلال

Lambar Fassara

-

Inda aka buga

بيروت

وَقَالَ «لَعَنَ اللَّهُ الْعَقْرَبَ مَا تَدَعُ نَبِيًّا وَلَا غَيْرَهُ»، قَالَ ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَمِلْحٌ، فَجَعَلَ يَضَعُ مَوْضِعَ اللَّدْغَةِ فِي الْمَاءِ وَالْمِلْحِ، وَيَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حَتَّى سَكَنَتْ «١» . فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْعِلَاجُ بِالدَّوَاءِ الْمُرَكَّبِ مِنَ الْأَمْرَيْنِ: الطَّبِيعِيِّ وَالْإِلَهِيِّ، فَإِنَّ فِي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ مِنْ كَمَالِ التَّوْحِيدِ الْعِلْمِيِّ الِاعْتِقَادِيِّ، وَإِثْبَاتِ الْأَحَدِيَّةِ لِلَّهِ، الْمُسْتَلْزِمَةِ نَفْيَ كُلِّ شَرِكَةٍ عَنْهُ، وَإِثْبَاتِ الصَّمَدِيَّةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِإِثْبَاتِ كُلِّ كَمَالٍ لَهُ مَعَ كَوْنِ الْخَلَائِقِ تَصْمُدُ إِلَيْهِ فِي حَوَائِجِهَا، أَيْ: تَقْصِدُهُ الْخَلِيقَةُ، وَتَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ، عُلْوِيُّهَا وَسُفْلِيُّهَا، وَنَفْيِ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ، وَالْكُفْءِ عَنْهُ الْمُتَضَمَّنِ لِنَفْيِ الْأَصْلِ، وَالْفَرْعِ وَالنَّظِيرِ، وَالْمُمَاثِلِ مِمَا اخْتَصَّتْ بِهِ وَصَارَتْ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، فَفِي اسْمِهِ الصَّمَدِ إِثْبَاتُ كُلِّ الْكَمَالِ، وَفِي نَفْيِ الْكُفْءِ التَّنْزِيهُ عَنِ الشَّبِيهِ وَالْمِثَالِ. وَفِي الْأَحَدِ نفي كلّ شريك الذي الْجَلَالِ، وَهَذِهِ الْأُصُولُ الثَّلَاثَةُ هِيَ مَجَامِعُ التَّوْحِيدِ. وَفِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، فَإِنَّ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ تَعُمُّ كُلَّ شَرٍّ يُسْتَعَاذُ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْأَجْسَامِ أَوِ الْأَرْوَاحِ وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ الْغَاسِقِ وَهُوَ اللَّيْلُ، وَآيَتِهِ وَهُوَ الْقَمَرُ إِذَا غَابَ، تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ مَا يَنْتَشِرُ فِيهِ مِنَ الْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ الَّتِي كَانَ نُورُ النَّهَارِ يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِانْتِشَارِ، فَلَمَّا أَظْلَمَ اللَّيْلُ عَلَيْهَا وَغَابَ الْقَمَرُ، انْتَشَرَتْ وَعَاثَتْ. وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ السَّوَاحِرِ وَسِحْرِهِنَّ. وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ الْحَاسِدِ تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنَ النُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ الْمُؤْذِيَةِ بِحَسَدِهَا وَنَظَرِهَا. وَالسُّورَةُ الثَّانِيَةُ: تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ، فَقَدْ جَمَعَتِ السُّورَتَانِ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَلَهُمَا شَأْنٌ عَظِيمٌ في الاحتراس والتحصن

(١) أخرجه الترمذي، وأخرجه الطبراني في الكبير والأوسط، والبيهقي في الشعب وأبو نعيم في الطب.

1 / 134