7
على الرغم من ذلك، توجد بعض الجوانب السلبية للثنائية اللغوية التي سأذكرها فيما يلي:
أولا: يقول أحيانا الأشخاص الثنائيو اللغة الذين لا يجيدون لغتهم الأخرى إجادة تامة إنهم يصابون بالتعب والإحباط من اضطرارهم لاستخدامها (في التحدث أو الكتابة)، وإنهم يرتكبون أخطاء طوال الوقت عند فعل هذا. يذكر الكاتب ريتشارد رودريجيز هذا الجانب في كتابه «نهم الذاكرة»، عند سرده لقصة كيفية تعامل والده الذي يتحدث بالإسبانية مع اللغة الإنجليزية في أسرته:
على الرغم من تحسن لغته الإنجليزية بعض الشيء، فقد كان يؤثر الصمت؛ فكان قليل الحديث للغاية في وقت العشاء. وفي إحدى الليالي لم يتمالك أطفاله وزوجته أنفسهم وضحكوا على نطقه الإنجليزي المشوه لصلاة الشكر الكاثوليكية قبل تناول الطعام. ومنذ ذلك الحين جعل زوجته هي التي تتلو الصلاة في بداية كل وجبة، حتى في المناسبات الرسمية عند وجود ضيوف في المنزل؛ فقد أصبح صوتها هو الصوت الرسمي للأسرة.
8
يخبرنا رودريجيز بأن والده لم يكن خجولا، لكنه لم يكن ببساطة يتقن الإنجليزية مثل الإسبانية؛ فعندما كان يتحدث بالثانية كانت تظهر في حديثه ثقة وسلطة لا تظهران عند حديثه بالإنجليزية.
يوجد عيب آخر يذكره ثنائيو اللغة يتعلق بتأثير اللغة الأقوى على اللغة الأضعف؛ فيقول بعض الأشخاص الثنائيي اللغة إنهم عندما يتحدثون كأحاديي اللغة عادة ما يعانون لتجنب عمليات التبديل اللغوي والاقتباس، ويضطرون إلى تحمل التداخلات التي يزيد عددها كلما أصابهم التعب أو العصبية أو الغضب أو القلق. في الواقع، أدى الخوف من «تأثر» اللغات بعضها ببعض إلى عزوف الناس عن تعلم لغة أخرى أو استخدامها على الإطلاق، حتى عندما تشجعهم بيئتهم على فعل هذا. يوجد مثال جيد على هذا يتمثل في الكاتب والشاعر والفنان السريالي الفرنسي أندريه برتون، الذي عاش لبعض الوقت في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية (فقد عمل في مكتب المعلومات الحربية الأمريكي)؛ فيقال إنه رفض الحديث أو الكتابة بالإنجليزية، على الرغم من أنه كان يفهمها جيدا. وكان السبب الذي أعطاه لذلك أنه لم يكن يريد أن تتأثر لغته الفرنسية باللغة الإنجليزية. نادرا ما يحرص ثنائيو اللغة على نقاء لغاتهم مثل برتون، لكن في الواقع يحرص البعض على عدم تسرب التداخلات إلى لغاتهم، ويؤدي هذا إلى التأني في الحديث، وأحيانا التردد، فيبدو الكلام تقريبا غير طبيعي على الرغم من صحته.
يذكر بعض الأشخاص الثنائيي اللغة أنهم يواجهون صعوبات في التكيف مع المواقف الجديدة والبيئات الجديدة التي تتطلب استخدام إحدى اللغات أكثر من الأخرى (انظر مبدأ التكامل). فهم يشعرون أنهم لا يتوافر لديهم وقت للتأقلم، ويعانون مع اللغة التي تصبح على نحو مفاجئ في الطليعة. فأي من الأشخاص الثنائيي اللغة اضطر فجأة، حتى لو بعد رحلة قصيرة، إلى التأقلم مع بيئة يستخدم فيها لغة جديدة؛ سيتعاطف مع هذا. وكذلك، يكون الحديث على الملأ صعبا للغاية إذا استخدم المرء اللغة «الخطأ»؛ سواء أكانت اللغة الأضعف أم اللغة التي تستخدم عادة في المواقف الرسمية.
يوجد عيب آخر يذكره ثنائيو اللغة، وهو أنه يطلب منهم عادة التصرف كمترجمين شفويين أو تحريريين، ويجد كثير منهم أن هذا أمر صعب ومتعب (كما ذكرت فيما سبق). وبما أنهم قد لا يريدون رفض أداء خدمة طلبت منهم، فإنهم عادة ما يعانون طوال أداء هذه المهمة، ثم يعبرون عن كم الضغط الذي تعرضوا له. قد تزيد صعوبة الموقف إذا تحتم على الشخص الثنائي اللغة العمل كوسيط بين ثقافتين بينما يكون متورطا عاطفيا في الموقف. يقدم لنا بول بريستون، الذي أجرى مقابلة مع عدد من الأشخاص الثنائيي اللغة في اللغة الإنجليزية ولغة الإشارة الأمريكية، وهم أبناء وبنات لوالدين أصمين، إفادة واقعية عن سيدة اضطرت إلى الترجمة الشفوية في جنازة والدها، بسب عدم وجود شخص آخر لديه هذه القدرة:
لم أكن أريد فعل هذا، لكني اضطررت إلى فعل ذلك من أجل والدتي؛ إذ لم يوجد شخص آخر يمكنه فعل هذا. فقد كنت أبكي وأترجم بالإشارة، معا في وقت واحد (تقول بالإشارة: «لن أفعل هذا ثانية.») فأنا لا أريد فعل أي شيء مثل هذا مرة أخرى.
Shafi da ba'a sani ba