خرافة: كلما اكتسب الطفل اللغة في مرحلة مبكرة، زادت طلاقته فيها
أحد الافتراضات التي تعتمد عليها هذه الخرافة فكرة أن الأطفال الصغار يكتسبون أي لغة بسرعة أكبر وبجهد أقل من الأطفال الأكبر سنا. والافتراض الآخر هو أن ذهنهم يكون طيعا أو «مرنا» أكثر في السن المبكرة جدا، ومن ثم يكون أكثر تقبلا لمهام مثل تعلم اللغة. بالإضافة إلى ذلك، يقال إن الأطفال الصغار لديهم محاذير أقل تجعلهم أقل شعورا بالإحراج عند ارتكابهم الأخطاء، ومن ثم يتعلمون على نحو أفضل.
يختلف الواقع قليلا عن هذا، ويجب علينا التأكيد على هذا. أولا: يذكرنا اختصاصي علم اللغة التطبيقي باري ماكلوكلين بأن الأطفال لا توجد لديهم محاذير أقل، ولا يقل شعورهم بالإحراج عند ارتكاب الأخطاء؛ في الواقع قد يشعرون بالخجل والإحراج الشديدين أمام أقرانهم.
13
ثانيا: اتضح أن الأطفال الصغار يتسمون بالسذاجة وعدم النضج عند التعلم بسبب عدم اكتسابهم بالكامل مهارات معرفية معينة، مثل القدرة على التجريد والتعميم والاستنتاج والتصنيف، التي قد تساعدهم في اكتساب اللغة الثانية. ثالثا: حل محل فكرة وجود فترة محددة وذات أهمية كبرى لتعلم اللغة تقريبا في سن الخامسة؛ فكرة وجود «فترة أكثر اتساعا» قد تمتد إلى ما بعد سن العاشرة، وعلى الأرجح تختلف باختلاف المهارات اللغوية.
لذلك درست الباحثتان كاثرين سنو وماريان هوفناجل-هوليه، في إحدى الدراسات الشهيرة، تعلم المتحدثين بالإنجليزية في مختلف المراحل العمرية للغة الهولندية. وقد تبين أن الأطفال بين عمر الثانية عشرة والخامسة عشرة يتعلمون على نحو أفضل من الأطفال الأصغر سنا.
14
تتمثل الميزة الحقيقية لاكتساب إحدى اللغات في مرحلة عمرية مبكرة في مهارات النطق، لكن كما رأينا في الفصل السابع، حتى المراهقون وبعض البالغين يمكنهم تعلم التحدث دون لكنة. باختصار، تتمثل العوامل المهمة في تحول الطفل إلى ثنائي اللغة، في أي عمر؛ في الحاجة إلى اللغة الجديدة، بالإضافة إلى مقدار المدخلات ونوعها، ودور الأسرة والمدرسة، والمواقف السائدة تجاه اللغة وثقافتها وتجاه الثنائية اللغوية في حد ذاتها.
15
اقترحت عالمة اللغة ليلي وونج فيلمور في بحث لها وصفا أو نموذجا لأسلوب تعلم اللغة الثانية الطبيعي لدى الأطفال. يقوم هذا النموذج على وجه الخصوص على حقيقة أنها تتعامل مع أفراد صغار السن في أسر مهاجرة يتعلمون لغة ثانية. ومع ذلك، فإن نموذجها هذا يمكن تطبيقه على كثير من الأطفال الثنائيي اللغة الآخرين، ما داموا يكتسبون لغتهم الثانية بأسلوب طبيعي. يتحدث هؤلاء الأطفال بالفعل إحدى اللغات في المنزل، ويجب عليهم تعلم لغة الأغلبية؛ بهذه الطريقة يصبحون ثنائيي اللغة - نأمل أن يكون هذا طوال حياتهم - على الرغم من أننا رأينا في الفصول السابقة أن هذا قد لا يحدث إذا بدءوا في فقدان لغتهم الأولى. تؤكد وونج فيلمور، قبل كل شيء، على أن هؤلاء الأطفال لم يبدءوا هذه المهمة صفر اليدين؛ فتوجد لديهم بالفعل معرفة اجتماعية ولغوية، ومعرفة بالعالم من حولهم؛ فهم يعرفون استخدامات كل لغة وسياقاتها. يساعدهم هذا كله كثيرا في تعلم اللغة الجديدة.
Shafi da ba'a sani ba