وقد تقطعت تحيته بالضحكات العالية أو المكبوتة، وخرج يحيى وتركهم يتهيئون لسهرتهم، وقد طمأنهم عبد الوهاب أنه سيدفع عنهم النفقات جميعا.
أصر يسري على أن يمر ببيته ليلبس حلته الأخرى، ولم يستطع رفاقه أن يخالفوه. وحين سأله أخوه عما دعاه إلى ارتداء حلته النظيفة أنبأه في عجلة أنهم تعبوا من المذاكرة ويريدون أن يذهبوا إلى السينما. ولم يشأ خيري أن يسأله أي سينما. ولم يشأ أن يقول له إنه يريد أن يرافقهم مع أنه كان ينتوي أن يذهب إلى السينما هو الآخر، لم يشأ أن يقول شيئا، فقد كان يدرك أن وجوده معهم لا يروقهم، كما كان يدرك تمام الإدراك أن أخاه في أغلب الأمر يكذب وأن السينما لن تكون مقصده. أدرك هذا فسكت. ولم يدرك يسري أن أخاه عرف كذبته، وإنما هو يلقيها واثقا أن أخاه سيصدقها، فهو واثق من ذكاء نفسه، واثق أنه قادر على أن يجعل أخاه يصدق ما شاء له أن يصدق، وانفتل يسري إلى صديقيه اللذين كانا ينتظرانه أسفل البيت، وما هي إلا بعض دقيقة حتى كانوا يأخذون سمتهم سعيا على أقدامهم من المنيرة إلى بار سبيت فاير بميدان الأوبرا.
سار الرفاق، ووجدهم يسري يتابعون حديثا بدأوه حين كان هو يرتدي ملابسه، قال صبحي: ألم تقل لأبيك إنك لا تريدها؟
فقال يسري: ماذا؟ هل جد جديد في أمر زواجك يا عبد الوهاب؟ - لا، لا جديد، إلا أنني اقتربت منه.
فقال يسري: ولكني أراك في هذه الأيام غير غاضب كما كان شأنك يوم فرض عليك هذا الزواج.
فقال صبحي: والله إن أردت الحق يا أبا عبده، أنا أيضا أراك في هذه الأيام أقرب إلى الانبساط.
فقال عبد الوهاب: والله إنكما خبيثان.
فقال يسري في لهجة الفاهم: قل الحق يا أبا عبده.
فقال عبد الوهاب: والله أنا وجدت المسألة معقولة إلى حد كبير.
فقال صبحي: أهكذا؟!
Shafi da ba'a sani ba