قال الشيخ العلامة الحافظ جلال الدين السيوطي الشافعي رحمه الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد:
فهذا جزء سميته:
«الثغور الباسمة في مناقب سيدتنا فاطمة بنت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم»
أخبرني شيخي شيخ الإسلام والمسلمين تقي الدين الشمني بقراءتي عليه قال: أخبرنا الجمال عبد الله بن علي الحنبلي قال: أخبرنا أبو الحسن العرضي قال: أنبأتنا زينب بنت مكي، ح وأنبأنا عاليا أبو عبد الله محمد بن مقبل الحلبي، عن الصلاح بن أبي عمر المقدسي قال: أنبأنا أبو الحسن بن البخاري. قالا: أخبرنا أبو علي الرصافي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو علي التميمي قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد، أنبأنا عطاء بن السائب عن أبيه، عن علي رضي الله تعالى عنه:
Shafi 23
«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجه فاطمة، بعث معه ب: خميلة، ووسادة من أدم حشوها ليف، ورحيين، وسقاء، وجرتين، فقال علي لفاطمة رضي الله عنهما ذات يوم: والله لقد سنوت حتى لقد اشتكيت صدري، وقد جاء الله أباك بسبي، فاذهبي فاستخدميه، فقالت: أنا والله قد طحنت حتى مجلت يداي؛ فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما جاء بك أي بنية؟ فقالت: جئت لأسلم عليك، واستحيت أن تسأله، ورجعت، فقال: ما فعلت؟ قالت: استحييت أن أسأله. فأتياه جميعا، فقال علي رضي الله عنه: يا رسول الله، والله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري، وقالت فاطمة رضي الله عنها: قد طحنت حتى مجلت يداي، وقد جاءك الله بسبي وسعة، فأخدمنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوي بطونهم، لا أجد ما أنفق عليهم، ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم. فرجعا، فأتاهما النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخلا في قطيفتهما، إذا غطت رؤوسهما تكشفت أقدامهما، وإذا غطيا أقدامهما تكشفت رؤوسهما، فثارا، فقال: مكانكما، ثم قال: ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ قالا: بلى، فقال: كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام: تسبحان في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا، وتكبران عشرا، وإذا أويتما إلى فراشكما، فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين. قال: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فقال له ابن الكواء: ولا ليلة صفين؟ فقال: نعم، ولا ليلة صفين».
Shafi 24
هذا حديث صحيح مشهور، أخرجه الأئمة الستة وغيرهم من طرق كثيرة بألفاظ مختلفة مطولة ومختصرة.
Shafi 25
فأخرجه البخاري في: الخمس، عن بدل بن المحبر، وفي فضل علي عن محمد بن بشار عن غندر، وفي النفقات عن مسدد عن يحيى، وفي الدعوات عن سليمان بن حرب.
وأخرجه مسلم في: الدعوات عن محمد بن المثنى ومحمد بن بشار كلاهما عن محمد بن جعفر، وعن ابن أبي شيبة عن وكيع، وعن عبيد الله بن معاذ عن أبيه، وعن محمد بن المثنى عن ابن أبي عدي.
Shafi 26
وأخرجه أبو داود في: الأدب عن مسدد عن يحيى، وعن حفص بن عمر.
ثمانيتهم عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي.
وأخرجه البخاري أيضا في: النفقات عن الحميدي.
Shafi 27
ومسلم: في الدعوات عن زهير بن حرب.
والنسائي عن: قتيبة.
ثلاثتهم عن سفيان، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى.
وأخرج مسلم أيضا في: الدعوات عن عبيد بن يعيش، ومحمد بن عبد الله بن نمير، كلاهما عن عبد الله بن نمير، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن مجاهد به.
وأخرجه أبو داود أيضا: في الأدب عن عباس العنبري، عن عبد الملك بن عمرو، عن عبد العزيز بن محمد.
Shafi 28
والنسائي: عن ابن السرح، عن ابن وهب، عن عمر بن مالك المعافري وحيوة بن شريح.
ثلاثتهم عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن كعب القرظي، عن شبث بن ربعي، عن علي به.
وأخرجه أبو داود أيضا في الخراج : عن يحيى بن خلف، عن عبد الأعلى. وعن مؤمل بن هشام، عن ابن علية.
Shafi 29
كلاهما عن سعيد الجريري، عن أبي الورد بن ثمامة، عن ابن أعبد، عن علي به.
Shafi 30
وأخرجه الترمذي في: الدعوات.
والنسائي في: عشرة النساء.
كلاهما عن أبي الخطاب زياد بن يحيى البصري، عن أزهر بن سعد السمان، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن عبيدة بن عمرو السلماني، عن علي به.
Shafi 31
وأخرجه النسائي أيضا في: النكاح عن نصير بن الفرج، عن أبي أسامة عن زائدة.
وابن ماجه في: الزهد عن واصل بن عبد الأعلى، عن محمد بن فضيل.
كلاهما عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن علي به.
وأخرجه أحمد، عن أسود بن عامر وحسين وأبي أحمد الزبيري.
ثلاثتهم عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم، عن علي به.
Shafi 32
وأخرجه الطبري في: «تهذيب الآثار»، من طريق القاسم مولى معاوية عن علي به. ومن طريق أبي أمامة، عن علي. ومن طريق عمارة ابن عبد، عن علي. ومن طريق محمد ابن الحنفية، عن علي. ومن طريق أبي مريم، عن علي.
وأخرجه مطين في: «مسند علي»، من طريق هانئ بن هانئ، عن علي.
Shafi 33
وممن أخرجه أيضا: ابن حبان في «صحيحه»، وجعفر الفريابي في «الذكر»، ويوسف القاضي في «الذكر»، والدارقطني في «العلل»، والبيهقي. والبزار.
وورد أيضا من حديث أبي هريرة، أخرجه مسلم.
Shafi 34
ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أخرجه الطبري في «تهذيب الآثار».
وأصله في «سنن أبي داود» من حديث أم الحكم وضباعة بنت الزبير، أخرجه أبو داود.
ومن حديث أم سلمة، أخرجه الطبري في «تهذيبه».
Shafi 35
ومن مرسل علي بن الحسين، ومن مرسل عروة، أخرجهما جعفر في «الذكر».
Shafi 36
ذكر الأحاديث الواردة في تزويج فاطمة رضي الله عنها
قال ابن منده في «المعرفة»: «تزوج علي فاطمة بالمدينة بعد سنة من الهجرة، وبنى بها بعد ذلك بنحو من سنة، وولدت له: حسنا وحسينا ومحسنا وأم كلثوم الكبرى وزينب الكبرى».
Shafi 37
وفي «الطبقات» لابن سعد بسند مرسل: «تزوج علي فاطمة في رجب بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بخمسة أشهر، وبنى بها بعد مرجعه من بدر، وفاطمة يوم بنى بها علي بنت ثمان عشرة سنة».
وقال غيره: «تزوجها علي بعد وقعة أحد، وسنها يومئذ خمس عشرة سنة ونصف».
Shafi 38
أخرج البيهقي في الدلائل عن علي قال: «خطبت فاطمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت لي مولاة لي: هل علمت أن فاطمة قد خطبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: لا، قالت: فقد خطبت، فما يمنعك أن تأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيزوجك؟ فقلت: أوعندي شيء أتزوج به! فقالت: إنك إن جئت رسول الله زوجك. فوالله ما زالت ترجيني حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لرسول الله جلالة وهيبة، فلما قعدت بين يديه، أفحمت! فوالله ما استطعت أن أتكلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جاء بك؟ ألك حاجة؟ فسكت! فقال: ما جاء بك؟ ألك حاجة؟ فسكت! فقال: لعلك جئت تخطب فاطمة! فقلت: نعم، فقال: وهل عندك من شيء تستحلها به؟ فقلت: لا والله يا رسول الله! فقال: ما فعلت درع سلحتكها؟ فوالذي نفس علي بيده إنها لحطمية [ما ثمنها أربعة دراهم، فقلت: عندي]، فقال: قد زوجتك، فابعث بها تستحلها بها، فإن كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم».
Shafi 39
وأخرج البزار بسند حسن عن بريدة قال: «قال نفر لعلي رضي الله عنه: لو خطبت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما حاجتك يا علي؟ قال: ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: مرحبا وأهلا. لم يزده عليهما، فخرج علي رضي الله عنه إلى أولئك الرهط وهم ينتظرون، قالوا: ما وراءك؟ قال: ما أدري غير أنه قال لي: مرحبا وأهلا، قالوا: يكفيك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعطاك الأهل وأعطاك المرحب، قال: فلما كان بعد ما زوجه، قال: يا علي إنه لا بد للعروس من وليمة! فقال سعد: عندي كبش. وجمع له رهط من الأنصار آصعا من ذرة، فلما كان ليلة البناء قال: يا علي لا تحدث شيئا حتى تلقاني. فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على علي رضي الله عنه ثم قال: اللهم بارك فيهما، وبارك لهما في نسلهما».
Shafi 40
وأخرج أبو داود من طريق عكرمة عن ابن عباس قال: «لما تزوج علي فاطمة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطها شيئا، قال: ما عندي شيء، قال: أين درعك الحطمية؟».
وأخرجه ابن سعد عن عكرمة مرسلا وزاد: «فأصدقها إياها، وكان ثمنها أربعمائة درهم».
وأخرج ابن سعد عن علباء بن أحمر اليشكري: «أن عليا تزوج فاطمة، فباع بعيرا له بثمانين وأربع مائة درهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجعلوا ثلثين في الطيب، وثلثا في الثياب».
وأخرج عن حجر بن عنبس - وكان أدرك الجاهلية - قال: «خطب أبو بكر وعمر فاطمة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هي لك يا علي، لست بدجال».
Shafi 41
يعني لست بكذاب، وذلك أنه كان قد وعد عليا بها، قبل أن يخطب إليه أبو بكر وعمر.
وأخرج عن عطاء قال: «خطب علي فاطمة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عليا يذكرك، فسكتت، فزوجها».
Shafi 42