Dawwama Bayan Mutuwa

Ibn al-Gawzi d. 597 AH

Dawwama Bayan Mutuwa

الثبات عند الممات

Bincike

عبد الله الليثي الأنصاري

Mai Buga Littafi

مؤسسة الكتب الثقافية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٠٦

Inda aka buga

بيروت

الْبَابِ الأَوَّلِ فِي بَيَانِ فَضِيلَةِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ وَلُزُومِ الْقَبُولِ مِنْهُمَا قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْعَقْلَ هُوَ الآلَةُ الَّتِي عُرِفَ بِهَا الإِلَهُ وَحَصَلَ بِهِ تَصْدِيقُ الرُّسُلِ وَالْتِزَامُ الشَّرَائِعِ وَأَنَّهُ الْمُحَرِّضُ عَلَى طَلَبِ الْفَضَائِلِ وَالْمُخَوِّفُ مِنْ رُكُوبِ الرَّذَائِلِ وَالنَّاظِرُ فِي الْمَصَالِحِ وَالْعَوَاقِبِ فَهُوَ مُدَبِّرُ أَمْرَ الدَّارَيْنِ وَمَثَلُهُ كَالضَّوْءِ فِي الظُّلْمَةِ فَقَدْ يَقِلُّ عِنْدَ أَقْوَامٍ فَيَكُونُ كَعَيْنِ الأَعْشَى وَيَزِيدُ فَيَكُونُ كَنُورِ الْقَبَسِ وَيَكُونُ عِنْدَ قَوْمٍ كَضَوْءِ الشَّمْعَةِ وَعِنْدَ الْكَامِلِينَ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ عَلَى عَيْنِ زَرْقَاءِ الْيَمَامَةِ وَلِهَذَا تَتَفَاوَتُ الْعُقَلاءُ فِي الْعُلُومِ وَالأَعْمَالِ فَيَنْبَغِي لِمَنْ رُزِقَ الْعَقْلَ

1 / 23

أَنْ لَا يُخَالِفَهُ وَلا يَخْلُدَ إِلَى ضِدِّهِ وَهُوَ الْهَوَى فَمَتَى مَالَ إِلَى الْهَوَى صُيِّرَ الإِمَامُ مَأْمُومًا وَذَلِكَ لَا يَحْسُنُ فَصْلُ فَأَمَّا النَّقْلُ فَإِنَّ الْعَقْلَ لَمَّا نَظَرَ فِي مُعْجِزَاتِ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ صَدَّقَهُمْ وَعَلِمَ أَنَّمَا أَتَوْا بِمَا أَتَوْا بِهِ عَنِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ فَقَوْلُهُمْ مَعْصُومٌ عَنِ خَطَأٍ مَحْفُوظٌ عَنْ غَلَطٍ وَإِذْ قَدْ بَانَ فَضْلُ الْعَقْلِ وَشَرَفُ النَّقْلِ لَزِمَ الْقَبُولُ مِنْهُمَا

1 / 24

الْبَابُ الثَّانِي فِيمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ مِنْ أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ بَلاءٍ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْكِرَ فِيهَا وُقُوعَ الْبَلاءِ مَنِ اسْتَخْبَرَ الْعَقْلَ وَالنَّقْلَ عَنْ وَضْعِ الدُّنْيَا أَخْبَرَاهُ أَنَّهَا مَارَسْتَانُ بَلاءٍ فَلا يُنْكِرُ وُقُوعَ الْبَلاءِ بِهَا وَلَيْسَ فِيهَا لَذَّةٌ عَلَى الْحَقِيقَةِ إِنِّمَا لَذَّتُهَا رَاحَةٌ مِنْ مُؤْلِمٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مِنَ الأَكْلِ إِقَامَةٌ خَلْفَ الْمُتَحَلَّلِ ثُمَّ كَمْ فِيهِ مِنْ مَحْذُورٍ فَإِنِّ الإِكْثَارَ يُوجِبُ التُّخَمَةَ وَمِنَ الْمَطَاعِمِ مُؤَدٍّ بِالإِسْهَالِ أَوْ بِالإِمْسَاكِ وَمِنْهَا مَا يُقَوِّي بَعْضَ الأَخْلاطِ وَإِنَّمَا جُعِلَتِ اللَّذَّةُ فِي التَّنَاوُل كالبرطيل وَكَذَلِكَ الوطأ فَإِنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ إِقَامَةُ الْخَلَفِ وَكَمْ فِي ضِمْنِهِ مِنْ أَذًى أَقَلُّهُ قِلَّةُ الْقُوَى وَتَعَبُ الْكَسْبِ ومقاسات أَخْلاقِ الْمُعَامَلَةِ وَمَتَى حَصَلَ مَحْبُوبٌ كَأَنَّ نَغَصَهُ تُرْبِي عَلَى لَذَّاتِهِ وَيَا سُرْعَانَ ذِهَابُهُ مَعَ قُبْحِ مَا يَجْنِي وَأَقَلُّ آفَاتِهِ الْفِرَاقُ الَّذِي يَنْكُبُ الْفُؤَادَ وَيُذِيبُ الأَجْسَادَ

1 / 25

وَكُلُّ مَا يُظَنُّ مِنَ الدُّنْيَا سَرَابٌ وَعِمَارَتُهَا وَإِنْ حَسُنَتْ صُورَتُهَا خَرَابٌ وَمَجِيئُهَا إِلَى مَجِيبِهَا ذِهَابٌ وَمَنْ خَاضَ الْمَاءَ الْغَمْرَ لَمْ يِجْزَعْ مِنْ بَلَلٍ كَمَا أَنَّ مَنْ دَخَلَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ لَمْ يَخْلُ مِنْ وَجَلٍ وَالْعَجَبُ لِمَنْ يَدُهُ فِي سَلَّةِ الأَفَاعِي كَيْفَ يُنْكِرُ اللَّسْعَ وَأَعْجَبُ مِنْهُ مَنْ يَطْلُبُ مِنَ الْمَطْبُوعِ عَلَى الضُّرِّ التَّمَنُّعَ وَمَا أَحْسَنُ قَوْلَ الشَّاعِرِ ... طُبِعَتْ عَلَى كَدَرٍ وَأَنْتَ تُرِيدُهَا ... صفوا من الأقذار وَالأَكْدَارِ ... وَمُكَلِّفُ الأَيَّامَ ضِدَّ طِبَاعِهَا ... مُتَطَلِّبٌ فِي الْمَاءِ جَذْوَةَ نَارِ ... وَإِذَا رَجَوْتَ الْمُسْتَحِيلَ فَإِنَّمَا ... تَبْنِي الرَّجَاءَ عَلَى شَفِيرٍ هَارِ ... وَلَوْلا أَنَّ الدُّنْيَا دَارُ ابْتِلاءٍ لَمْ تعتور الْأَمْرَاض والأكدار وَلم يضيق الْعَيْشُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ وَالأَخْيَارِ وَلَقَدْ لُزِقَ بِهِمُ الْبَلاءُ وَعُدِمُوا الرَّاحَةَ فَآدَمُ يُعَانِي الْمِحَنَ إِلَى أَنْ خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا وَنُوحٌ يَبْكِي ثُلْثَمِائَةِ عَامٍ وَإِبْرَاهِيمُ يُكَابِدُ النَّارَ وَذَبْحَ الْوَلَدِ وَيَعْقُوبُ يَبْكِي حَتَّى ذَهَبَ الْبَصَرُ وَمُوسَى يُقَاسِي فِرْعَوْنَ وَيَلْقَى مِنْ قَوْمِهِ الْمِحَنَ وَعِيسَى لَا مَأْوَى لَهُ إِلا الْبِرُّ فِي الْعَيْشِ الضَّنْكِ وَمُحِمِّدٌ ﷺ يُصَابِرُ الْفَقْرَ وَقَذْفَ الزَّوْجَةِ وَقَتْلَ مَنْ يُحِبُّهُ وَلَوْ خُلِقَتِ الدُّنْيَا لِلَّذَّةِ لَمْ يُبْخَسْ حَظُّ الْمُؤْمِنِ مِنْهَا فَإِنَّ الْجَمَلَ

1 / 26

يَأْكُلُ أَكْثَرَ مِنْهُ وَالْعُصْفُورُ يُسَافِدُ أَكْثَرَ مِنْهُ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ الدُّنْيَا سجن الْمُؤمن وجنة الْكَافِر وَإِذ بَانَ أَنَّهَا دَارُ ابْتِلاءٍ وَسَجْنٍ وَمِحَنٍ فَلا يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ جَزَعٌ مِنَ الْبَلْوَى

1 / 27

الْبَابُ الثَّالِثُ فِي ذِكْرِ الْمُصَابِ بِالْمَحْبُوبِ مِنَ الأَهْلِ ... الْمَرْءُ يُصَابُ مَصَائِبُ لَا تَنْقَضِي ... حَتَّى يُوَارَى جِسْمه فِي رمسه فمؤجل يَلْقَى الرَّدَى فِي غَيْرِهِ ... وَمُعَجَّلٌ يَلْقَى الرَّدَى فِي نَفْسِهِ ... وَعِلاجُ فَقْدِ الْمَحْبُوبِ بِثَمَانِيَةِ أَشْيَاءٍ أَحَدِهَا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْقَدَرَ قَدْ سَبَقَ بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ ﷿ ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾ ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَهُ ﴿لكَي لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَصَائِبَ مُقَدَّرَةٌ لَا أَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الاتِّفَاقِ كَمَا يَقُول الطباعيون وَلا أَنَّهَا عَبَثٌ بَلْ هِيَ صَادِرَةٌ عَمَّنْ صَدَرَتْ عَنْهُ مُحْكَمَاتُ الأُمُورِ وَمُتْقَنَاتُ الأَعْمَالِ وَإِذَا كَانَتْ صَادِرَةٌ عَنْ تَدْبِيرِ حَكِيمٍ لَا يَعْبَثُ إِمَّا لِزَجْرٍ عَنْ فَسَادٍ أَوْ لِتَحْصِيلِ أَجْرٍ أَوْ لِعُقُوبَةٍ عَلَى ذَنْبٍ وَقَعَ التَّسَلِّي بِذَلِكَ الثَّانِي الْعِلْمُ بِأَنَّ الدُّنْيَا دَارُ الابْتِلاءِ وَالْكَرْبِ لَا يُرْجَى مِنْهَا رَاحَةٌ

1 / 29

.. وَمَا اسْتَغْرَبَتْ عَيْنِي فِرَاقًا رَأَيْتُهُ ... وَلا أَعْلَمَتْنِي غَيْرَ مَا الْقَلْبُ عَالِمُهُ ... وَالثَّالِثِ الْعِلْمُ بِأَنَّ الْجَزَعَ مُصِيبَةٌ ثَانِيَةٌ وَالَّرابِعِ أَنْ يُقَدِّرَ وُجُودَ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ تِلْكَ الْمُصِيبَةِ كَمَنْ لَهُ وَلَدَانِ ذَهَبَ أَحَدُهُمَا وَالْخَامِسِ النَّظَرُ فِي حَالِ مَنِ ابْتُلِيَ بِمِثْلِ هَذَا الْبَلاءِ فَإِنَّ التَّأَسِّيَ رَاحَةٌ عَظِيمَةٌ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ ... وَلَوْلا كَثْرَةُ الْبَاكِينَ حَوْلِي ... عَلَى إِخْوَانِهِمْ لَقَتَلْتُ نَفْسِي وَمَا يَبْكُونَ مِثْلُ أَخِي وَلَكِنْ ... أُعَزِّي النَّفْسَ عَنْهُ بِالتَّأَسِّي ... وَهَذَا الْمَعْنَى قَدْ حَرَمَهَ اللَّهُ ﷿ أَهْلَ النَّارِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُخَلَّدِينَ فِيهَا مَحْبُوسٌ وَحْدَهُ يَظُنُّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي النَّارِ سِوَاهُ وَالسَّادِسِ النَّظَرُ فِي حَالِ مَنِ ابْتُلِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا الْبَلاءِ فَيَهُونَ هَذَا وَالسَّابِعِ رَجَاءُ الْخَلَفِ إِنْ كَانَ مِنْ مَعْنًى يَصْلُحُ عَنْهُ الْخَلَفُ كَالْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ قِيلَ لِلُقْمَانَ مَاتَتْ زَوْجَتُكَ فَقَالَ تَجَدَّدَ فِرَاشِي وَأَنْشَدُوا ... هَلْ وَصْلُ غرَّة إِلا وَصْلُ غَانِيَةٍ ... فِي وَصْلِ غَانِيَةٍ مِنْ وَصْلِهَا خُلْفُ ... وَالثَّامِنِ طَلَبُ الأَجْرِ بِحِمْلِ أَعْبَاءِ الصَّبْرِ فَلْيَنْظُرْ فِي فَضَائِلِ الصَّبْرِ وَثَوَابِ الصَّابِرِينَ وَسِيرَتِهِمْ فِي صَبْرِهِمْ وَإِنْ تَرَقَّى إِلَى مَقَامِ الرِّضَى فَهُوَ الْغَايَةُ

1 / 30

فَصْلٌ فِي فَضَائِلِ الصَّبْرِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﵁ عَنِ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطاء قطّ خيرا وَلَا قَالَ الترمذى حَدِيث حسن صَحِيح أَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ أَخْبَرَنَا

1 / 31

الْقَطِيعِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ إِنَّ اللَّهَ ﷿ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ فَمَنْ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ وَمن جزع فَلهُ الْجزع رُوَاته ثِقَات وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الصَّبْرُ فِي أَوَّلِ صَدْمَةٍ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْتَسِبَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مَا أُخِذَ مِنْهُ وَيُوقِنَ بِحُسْنِ الْجَزَاءِ وَذَلِكَ يُهَوِّنُ الصَّبْرَ وَمِنْ عَلامَةِ الصَّبْرِ الْكَفُّ عَنْ تَمْزِيقِ ثَوْبٍ أَوْ لَطْمِ خَدٍّ وَحَبْسُ اللِّسَانِ عَنِ اعْتِرَاضٍ وَتَسَخُّطٍ وَالامْتِنَاعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُوجِبُ إِظْهَارَهُ تَأَثُّرَ الْمُبْتَلِي وَلْيَعْلَمِ الْعَاقِلُ أَنَّ الْبَلايَا ضُيُوفٌ فَلْيُعِدَّ لَهَا قِرَى الصَّبْرِ

1 / 32

قَالَ الْحُكَمَاءُ الْعَاقِلُ يَفْعَلُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْمُصِيبَةِ مَا يَفْعَلُهُ الْجَاهِلُ بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَقَالَ عَلِيٌّ ﵇ لِلأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ إِنَّكَ إِنْ صَبَرْتَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَإِلا سَلَوْتَ كَمَا تَسْلُو الْبَهَائِمُ فَصْلٌ وَأَمَّا ثَوَابُ الصَّابِرِ عَلَى فَقْدِ الأَوْلادِ فَأَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن جَعْفَر قَالَ حَدثنَا عبد الله ابْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدثنَا شُعْبَة عَن عبد الرحمن بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لِلنِّسَاءِ مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ يَمُوتُ لَهَا ثَلاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ إِلا كَانُوا لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ وَاثْنَيْنِ فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَاثْنَيْنِ

1 / 33

قَالَ أَحْمَدُ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا الزَّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ فَتَمَسَّهُ النَّارُ إِلا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ قَالَ أَحْمَدُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي السَّلِيلِ عَنْ أَبِي حَسَّانَ قَالَ تُوُفِّيَ ابْنَانَ لِي فَقُلْتُ لأَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ مِنْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَدِيثًا تَحَدَّثَنَاهُ تَطِيبُ أَنْفُسُنَا عَنْ مَوْتَانَا قَالَ نَعَمْ صِغَارُهُمْ دَعَامِيصُ الْجَنَّةِ يَلْقَى أَحَدُهُمْ أَبَاهُ أَوْ قَالَ أَبَوَيْهِ فَيَأْخُذَ بِنَاصِيَةِ ثَوْبِهِ أَوْ بِيَدِهِ كَمَا آخُذُ بِصِنْفَةِ ثَوْبِكَ وَلا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِ هَذَا الْحَدِيثِ مُسْلِمٌ وَاتُّفِقَ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ

1 / 34

وَالدُّعْمُوصُ دُوَيِّبَةٌ تَسْبَحُ فِي الْمَاءِ قَالَ الشَّاعِرُ ... إِذَا الْتَقَى الْبَحْرَانِ عَمَّ الدُّعْمُوصُ ... فَبَقِيَ أَنْ يَسْبَحَ أَوْ يَغُوصَ ... فَصْلٌ وَكُلَّمَا قَرُبَ الْمَحْبُوبُ الْمُسْتَلَبُ مِنَ الْقَلْبِ كَانَ الأَجْرُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي لِلصَّابِرِ أَنْ يَتَسَلَّى بِالْجِنْسِ فَصْلٌ فَأَمَّا الرِّضَاءُ بِالْقَضَاءِ فَهُوَ الْغَايَةُ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِنَّ اللَّهَ ﷿ إِذَا قَضَى قَضَاءً أَحَبَّ أَنْ يُرْضَى بِهِ وَقَالَ أَبُو عبد الله البراثي من وهب لَهُ الرضى فَقَدْ بَلَغَ أَقْصَى الدَّرَجَاتِ وَقَالَتْ رَابِعَةُ إِنَّ اللَّهَ ﷿ إِذَا قَضَى لأَوْلِيَائِهِ قَضَاءً لَمْ يَتَسَخَّطُوهُ

1 / 35

وَقُتِلَ لِبَعْضِ الصَّالِحِينَ وَلَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﷿ فَبَكَى فَقِيلَ لَهُ أَتَبْكِي وَقَدِ اسْتُشْهِدَ فَقَالَ إِنَّمَا أَبْكِي كَيْفَ كَانَ رِضَاهُ عَنِ اللَّهَ ﷿ حِينَ أَخَذَتْهُ السُّيُوفُ فَإِنْ قِيلَ قَدْ يُتَصَوَّرُ الصَّبْرُ فَأَمَّا الرِّضَا بِالْمَكْرُوهِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ فَالْجَوَابُ أَنَّ نُفُورَ الطَّبْعِ مِنَ الْمُنَافِي لَا يُضَادِّ رِضَى الْقَلْبِ بِالْقَدَرِ فَإِنَّمَا نَرْضَى بِالْقَضَاءِ وَإِنْ كَرِهْنَا الْمُقْضَى فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَخْبَارِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّابِرِينَ وَالرَّاضِينَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدثنَا عبد الله ابْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا بَهْزٌ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ مَاتَ وَلَدٌ لأَبِي طَلْحَةَ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ فَقَالَتْ لأَهْلِهَا لَا تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بِابْنِهِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ قَالَ فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ عَشَاءً فَأَكَلَ وَشَرِبَ ثُمَّ تَصَنَّعَتْ لَهُ أَحْسَنَ مَا كَانَتْ تَصْنَعُ قَبْلَ ذَلِكَ فَوَقَعَ بِهَا فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعَ وَأَصَابَ مِنْهَا قَالَتْ يَا أَبَا طَلْحَةَ أَرَأَيْت لَو أَن قوما أعاروا عَارِيَتَهُمْ أَهْلَ بَيْتٍ وَطَلَبُوا عَارِيَتَهُمْ أَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُمْ قَالَ لَا فَقَالَتْ فَاحْتَسِبِ ابْنَكَ

1 / 36

أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدثنَا عبد الله بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا هَاشِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الأَحْوَصِ الْجُشَمِيُّ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَعِنْدَهُ بَنُونٌ لَهُ ثَلاثَةُ غِلْمَانٍ كَأَنَّهُمُ الدَّنَانِيرُ فَجَعَلْنَا نَتَعَجَّبُ مِنْ حُسْنِهِمْ فَقَالَ كَأَنَّكُمْ تَغْبِطُونِي بِهِمْ قَلْنَا إِي وَاللَّهِ بِمِثْلِ هَؤُلاءِ يُغْبَطُ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى سَقْفِ بَيْتٍ لَهُ صَغِيرٍ قَدْ عَشْعَشَ فِيهِ الْخُطَّافُ وَبَاضَ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لأَنْ أَكُونَ قَدْ نَفَضْتُ يَدِي عَنْ تُرَابِ قُبُورِهِمْ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَسْقُطَ عُشِّ هَذَا الْخُطَّافِ وَيَنْكَسِرَ بَيْضُهُ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ مَا أَصْبَحْتُ عَلَى حَالٍ فَتَمَنَّيْتُ أَنِّي عَلَى سِوَاهُ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الْجَوْهَرِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْن حيوية قَالَ أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَهْمِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي يَعْقُوب بن عبد الله الْقُمِّيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغيرَة عَن سعيد بن عبد الرحمن بْنِ أَبْزَيْ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ أَنَّهُ قَالَ لَوْ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرْضَى لَكَ عَنِّي أَنْ أَرْمِي نَفْسِي مِنْ هَذَا الْجَبَلِ فَأَتَرَدَّى فَعَلْتُ وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرْضَى لَكَ عَنِّي أَنْ أُوقِدَ نَارًا عَظِيمَةً فَأَقَعُ فِيهَا فَعَلْتُ وَلَوْ أَعْلَمُ أَنَّهُ أَرْضَى لَكَ عَنِّي أَنْ أُلْقِيَ نَفْسِي فِي الْمَاءِ فَأَغْرَقُ فَعَلْتُ

1 / 37

وَكَانَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ قَدْ سَقَى بَطْنَهُ فَكَانَ يَقُولُ أَحَبُّهُ إِلَيَّ أَحَبُّهُ إِلَى اللَّهِ ﷿ وَقَالَ عَلْقَمَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قلبه﴾ قَالَ هِيَ الْمُصِيبَةُ تُصِيبُ الرَّجُلَ فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﷿ فَيُسْلِمُ لَهَا وَيَرْضَى أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِبَةِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ بِشْرَانَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ صَفْوَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا يعلي بن عبد الرحمن قَالَ حَدَّثَنَا سَيَّارُ بْنُ سَلامَةَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْعَالِيَةِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي

1 / 38

مَاتَ فِيهِ فَقَالَ إِنَّ أَحَبَّهُ إِلَيَّ أَحَبُّهُ إِلَى اللَّهِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ مَالِكٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا بَهْزٌ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدثنَا ثَابت قَالَ مَاتَ عبد الله بْنُ مُطَرِّفٍ فَخَرَجَ مُطَرِّفُ عَلَى قَوْمِهِ فِي ثِيَابٍ حَسَنَةٍ وَقَدِ ادهن فغضبوا وَقَالُوا يَمُوت عبد الله ثُمَّ يَخْرُجُ فِي ثِيَابٍ مِثْلِ هَذِهِ مُدَّهِنًا قَالَ أَفَأَسْتَكِينُ لَهَا لَقَدْ وَعَدَنِي ﵎ عَلَيْهَا ثَلاثَ خِصَالٍ لِكُلِّ خِصْلَةٍ مِنْهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا كُلِّهَا قَالَ اللَّهُ ﷿ ﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هم المهتدون﴾ وَقَالَ مَا مِنْ شَيْءٍ أُعْطِيَ فِي الآخِرَةِ قَدْرَ كُوزٍ مِنْ مَاءٍ إِلا وَوَدِدْتُ أَنَّهُ أُخِذَ مِنِّي فِي الدُّنْيَا قَالَ أَحْمَدُ وَحَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ أَنَّ صِلَةَ بْنَ أَشْيَمٍ كَانَ فِي مَغْزًى لَهُ وَمَعَهُ ابْنٌ لَهُ فَقَالَ أَيْ بُنَيَّ تَقَدَّمْ فَقَاتِلْ حَتَّى أَحْتَسِبَكَ عِنْدَ اللَّهِ فَحَمَلَ فَقَاتَلَ حَتَّى قَتَلَ ثُمَّ تَقَدَّمَ فَقُتِلَ فَاجْتَمَعَتِ النِّسَاءُ عِنْدَ امْرَأَتِهِ مُعَاذَةَ فَقَالَتْ مَرْحَبًا إِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِتُهَنِّيَنِّي فَمَرْحَبًا بِكُنَّ وَإِنْ كُنْتُنَّ جِئْتُنَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَارْجِعْنَ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عبد العزيز وَقَدْ مَاتَ ابْنُهُ وَمَوْلاهُ مَا أُحِبُّ أَنَّ شَيْئًا

1 / 39

مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لأَنَّ اللَّهَ ﷿ أَرَادَهُ وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ إِنَّا لَمُتَوَجِّهُونَ إِلَى مَهْرَانَ وَمَعَنَا رَجُلٌ مِنَ الأَسَدِ فَجَعَلَ يَبْكِي فَقُلْتُ لَهُ أَجَزَعٌ هَذَا قَالَ لَا وَلَكِنْ تَرَكْتُ ابْنِي فِي الرَّحْلِ فَوَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ مَعِي فَدَخَلْنَا الْجَنَّةَ جَمِيعًا وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوَلانِيُّ لأَنْ يُولَدَ لِي مَوْلُودٌ يُحْسِنُ اللَّهُ ﷿ نَبَاتَهُ حَتَّى إِذَا اسْتَوَى عَلَى شَبَابِهِ وَكَانَ أَعْجَبَ مَا يَكُونُ إِلَيَّ قَبْضُهُ مِنِّي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُطَرِّفٍ قَالَ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم الأزحي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ جَهْضَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بْنِ حَفْصٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُوَفَّقِ قَالَ سَمِعْتُ حَاتِمًا الأَصَمَّ يَقُولُ لَقِينَا التُّرْكَ فَكَانَ بَيْنَنَا جَوْلَةٌ فَرَمَانِي تُرْكِيٌّ بِوَهَقٍ فَغَلَبَنِي عَنْ فَرَسِي وَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ فَقَعَدَ عَلَى صَدْرِي وَأَخَذَ بِلِحْيَتِي وَأَخْرَجَ مِنْ خُفِّهِ سِكِّينًا لِيَذْبَحَنِي فَوَحَقِّ سَيِّدِي مَا كَانَ قَلْبِي عِنْدَهُ وَلا عِنْدَ سِكِّينَتِهِ إِنَّمَا كَانَ قَلْبِي عِنْدَ سَيِّدِي أَنْظُرُ مَاذَا يَنْزِلُ بِهِ الْقَضَاءُ مِنْهُ فَقُلْتُ سَيِّدِي

1 / 40

قَضَيْتَ أَنْ يَذْبَحَنِي هَذَا فَعَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ إِنَّمَا أَنَا لَكَ وَمِلْكُكَ فَبَيْنَمَا أَنَا أُخَاطِبُ سَيِّدِي وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى صَدْرِي آخِذٌ بِلِحْيَتِي لِيَذْبَحَنِي رَمَاهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ بِسَهْمٍ فَمَا أَخْطَأَ حَلْقَهُ فَسَقَطَ عَنِّي فَقُمْتُ أَنَا إِلَيْهِ وَأَخَذْتُ السِّكِّينَ مِنْ يَدِهِ فَذَبَحْتُهُ فَمَا هُوَ إِلا أَنْ تَكُونَ قُلُوبُكُمْ عِنْدَ السَّيِّدِ حَتَّى تَرَوْنَ مِنْ عَجَائِبِ لُطْفِهِ مَا لَمْ تَرَوْا مِنَ الآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ وَقَالَ الشَّاعِرُ ... إِنْ كَانَ سُكَّانُ الغَضَا ... رَضُوا بِقَتْلِي فَرِضَا وَاللَّهِ مَا كُنْتُ لِمَا ... يَهْوَى الْحَبِيبُ مُبْغِضَا صِرْتُ لَهُمْ عَبْدًا وَمَا ... لِلْعَبْدِ أَنْ يعترضا ... وَقَالَ الآخر ... إِن رِضَاكُمْ فِي سَهَرِي ... فَسَلامُ اللَّهِ عَلَى وَسَنِي ... وَقَالَ الآخَرُ ... فَمَا لِجُرْحٍ إِذَا أَرْضَاكُمْ أَلَمٌ ... فَصْلٌ وَقَدْ خُذِلَ خَلْقٌ كَثِيرٌ عِنْدَ مَوْتِ أَحْبَابِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ خَرَقَ ثَوْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ لَطَمَ وَمِنْهُمْ مَنِ اعْتَرَضَ وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلا كَبِيرًا قَدْ قَارَبَ الثَّمَانِينَ وَكَانَ يُحَافِظُ عَلَى الْجَمَاعَةِ فَمَاتَ وَلَدٌ لابْنَتِهِ فَقَالَ مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَدْعُوَ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَجِيبُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يُعَانِدُنَا فَمَا يَتْرُكُ لَنَا وَلَدًا فَعَلِمْتُ أَنَّ صَلَوَاتَهُ وَفِعْلَهُ لِلْخَيْرِ عَادَةٌ لأَنَّهُ لَا يَنْشَأُ عَنْ مَعْرِفَةٍ وَإِيمَانٍ وَهَؤُلاءِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ

1 / 41

الْبَابُ الرَّابِعُ فِي ذِكْرِ الْمُصِيبَاتِ الْمُخْتَصَّةِ بِذَاتِ الإِنْسَانِ ٠ إِنِّي رَأَيْتُ جُمْهُورَ النَّاسِ إِذَا طَرَقَهُمُ الْمَرَضُ اشْتَغَلُوا تَارَةً بِالْجَزَعِ مِنْهُ وَالشَّكْوَى وَتَارَةً بِالتَّدَاوِي إِلَى أَنْ يَشْتَدَّ فَيُشْغِلُهُمُ اشْتِدَادُهُ عَنِ الالْتِفَاتِ إِلَى الْمَصَالِحِ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ فِعْلٍ لِلْخَيْرِ أَوْ تَأَهُّبٍ لِلْمَوْتِ فَكَمْ لَهُ مِنْ ذُنُوبٍ لَا يَتُوبُ مِنْهَا أَوْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ لَا يَرُدُّهَا أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ زَكَاةٌ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ ظِلامَةٌ لَا يَخْطُرُ لَهُ تَدَارُكُهَا وَإِنَّمَا حُزْنُهُ عَلَى فِرَاقِ الدُّنْيَا إِذْ لَا هِمَّةَ لَهُ سِوَاهَا وَرُبَّمَا أَفَاقَ فَأَوْصَى بِجَوْرٍ وَسَبَبُ هَذَا ضَعْفُ الإِيمَانِ كَمَا قَالَ ﷿ ﴿فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعلم﴾ وَقَدْ عَمَّ هَذَا أَكْثَرَ الْخَلْقِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الْخِذْلانِ فَيَنْبَغِي لِلْمُتَيَقِّظِ أَنْ يَتَأَهَّبَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ قَبْلَ هُجُومِ الْمَرَضِ فَرُبَّمَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ عَمَلٍ أَوِ اسْتِدْرَاكِ فَارِطٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَر قَالَ حَدثنَا عبد الله ابْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ مَا حَقُّ امْرِئ مُسْلِمٍ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ وَلَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ إِلا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ

1 / 43

فصل فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْصَى فِي الصِّحَّةِ فَلْيُبَادِرْ فِي أَوَّلِ الْمَرَضِ فَلْيُوصِ وَلْيَحْذَرْ مِنَ الْجَوْرِ فِي وَصِيَّتِهِ فَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الرَّجُلِ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْخَيْرَ سَبْعِينَ سَنَةً فَإِذَا أَوْصَى جَارَ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِشَرِّ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ النَّارَ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الشَّرَّ سَبْعِينَ سَنَةً فَيَعْدِلُ فِي وَصِيَّتِهِ فَيُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرِ عَمَلِهِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَفِي حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ مَنْ فَرَّ بِمِيرَاثِهِ مِنْ وَارِثٍ حَرَمَهُ اللَّهُ ﷿ مِيرَاثَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَصْلٌ وَلْيَعْلَمَ الْمَرِيضُ أَنَّ الْمَرَضَ يُذهِبُ الْخَطَايَا وَكُلَّمَا اشْتَدَّ الْمَرَضُ كَانَ أَذْهَبَ لَهَا أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عبد الله ابْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا

1 / 44