Theological Deviation in Modern Literature and Thought
الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها
Mai Buga Littafi
دار الأندلس الخضراء للنشر والتوزيع
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Inda aka buga
جدة - المملكة العربية السعودية
Nau'ikan
ومما يفت فؤاد المسلم أن يجد لهؤلاء الأرجاس أدوات من بني جلدتنا، استقطبتهم زمزمة كهان الحداثة، في حين غفلة منهم عن دينهم، وعجز منهم عن تحقيق وجودهم بتحصيل علميّ رصين، فإذا هم يرددون أفكار الزنادقة والملاحدة، ويضاهون اليهود والنصارى والوثنيين -ببلاهة وغوغائية- في عبارات مطاطة وألفاظ مبهمة، وتراكيب غامضة إذا حققتها وجدتها التبعية والتقليد ليس غير.
وليست المأساة متوقفة عند هذا الحد، بل تجدها تزداد خطورة عندما تلتفت إلى الركام الهائل من المؤلفات والمجلات والملاحق الأدبية، والمراكز الثقافية في كثير من البلدان العربية، فلا تجد عليها إلَّا طائفيًا نبت في الظلام وخرج من وراء الكواليس ليكون هو وأضرابه من معالم الأدب الحديث، أو نصرانيًا ترعرع تحت ظل الصليب يتسنم التوجيه والتثقيف، أو ملحدًا وجوديًا أو ماركسيًا أو إباحيًا يبرز من أعطاف جثة المادية الغربية ليكون من رموز العلم والأدب والفن، أو تابعًا لهؤلاء لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري.
أمَّا إذا تأملت في تعبيراتهم ورموزهم، فإنك تجدها -إلا القليل منها- على قسمين، أحدهما: مكشوف، والآخر مقنّع، وكلاهما مسخر لخدمة الحداثة ومضامينها، وموجه لتحطيم دين اللَّه تعالى والإرث المبارك والتراث الخيِّر، ومؤسس للقيام بدور التخريب الفكري، والتلويث الثقافي، والانحلال الخلقي، فتجد في إنتاجهم المجاهرة بإنكار الرب ﷾، وجودًا وألوهية، والاستهانة بأسمائه -تعالى- وصفاته، وجحد وجود الملائكة والسخرية منهم، وتكذيب الرسل والأنبياء وإنكار قضية الوحي جملة وتفصيلًا أو التشكيك فيها، وجحد الكتب المنزلة والسخرية بكل ذلك، وإضفاء صفة النبوة والمعجزة على الشاعر والحداثي المبدع، وجعل الأساطير بديلًا للوحي الكريم، والآلهة الوثنية شريكًا للَّه العظيم، مع تكذيب بالقدر واستهانة به، وتهكم بالمؤمنين به، وجحد المعاد وسائر الغيبيات، مع الإيمان بغيبيات وثنية جاهلية، ولذلك تجدهم يوظفون الرموز الوثنية واليهودية والنصرانية في أعمالهم بشكل بارز وكثيف.
أمَّا إذا جاؤوا إلى تاريخ الإسلام فإنهم لا يستخرجون منه سوى أمثالهم من أهل الزيغ والشك والانحراف والزندقة، وهم مع كل ذلك يطرحون فكرتهم على أساس أنها فكرة كلية شاملة، متطورة أبدًا، قادرة على احتواء كل قضايا الكون والحياة والإنسان، وعلى ذلك فقد توجهوا بعنف وحقد لمحاربة الحكم
1 / 5