97

Thematic Interpretation 2 - Al-Madinah University

التفسير الموضوعي ٢ - جامعة المدينة

Mai Buga Littafi

جامعة المدينة العالمية

Nau'ikan

أرأيتهم هذه الصورة الرائعة الجميلة في الإيثار التي كان عليها سلف هذه الأمة، فكان من أمرهم ما نرى من عزة ومن كرامة -عليهم جميعًا رضوان الله. أيضًا فيما ذكره الإمام الغزالي نذكر بعض ما قاله في سخاوة رسول الله ﷺ وجوده، فهذا أيضًا عنوان الإيثار يقول: كان ﷺ أجود الناس وأسخاهم، وكان في شهر رمضان كالريح المرسلة، لا يُمسك شيئًا. ويقول: كان علي ﵁ إذا وصف النبي ﷺ قال: «كان أجود الناس كفًّا، وأوسع الناس صدرًا، وأصدق الناس لهجةً، وأوفاهم ذمة، وألينهم عريكة، وأكرمهم عشيرة، من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه»، يقول ناعته -أي: واصفه-: «لم أر قبله ولا بعده مثله، وما سئل عن شيء قط على الإسلام إلا أعطاه، وأن رجلًا أتاه فسأله فأعطاه غنمًا سدَّت ما بين جبلين، فرجع إلى قومه وقال: أسلموا فإن محمد يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة، وما سئل شيئًا قط فقال: لا. وحُمل إليه تسعون ألف درهم فوضعها على حصير ثم قام إليها فقسمها ما رد سائلًا حتى فرغ منها، وجاء رجل فسأله فقال: ما عندي شيء ولكن ابتع عليّ، فإذا جاءنا شيء قضيناه فقال عمر يا رسول الله: ما كلفك الله ما لا تقدر عليه، فكره النبي ﷺ ذلك، فقال الرجل: أنفق ولا تخشى من ذي العرش إقلالًا، فتبسم النبي ﷺ). أرأيتم هذا الخلق وهذا الإيثار وهذا الجود وهذا الكرم الذي علَّمه رسول الله ﷺ لأمته، وقد صدق فيه قول الله ﷿: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم: ٤). يبقى لنا أن نعيش سويًّا فيما كتبته في حقوق الأخوة، والتي قسمتها إلى أربعة أقسام: أخوة الإنسان مع أخيه الإنسان، وهي التي تُعرف بالأخوة الإنسانية، وهناك أخوة النسب من نُنسب إليه وينسب إلينا من الآباء والأمهات والأحباب

1 / 111