فقال ابن الزبير للحسين ﵁: فيمَ تراه بَعَثَ إلينا في هذه الساعة؟.
فقال الحسين: أحسب معاوية قد مات، فبعث إلينا للبيعة. قال ابن الزبير: ما أظن غيره. وانصرفا إلى منازلهما.
فأما الحسين فجمع نفرًا من مواليه وغلمانه، ثم مشى نحو دار الإمارة، وأمر فتيانه أن يجلسوا بالباب، فإن سمعوا صوته اقتحموا الدار.
ودخل الحسين على الوليد، وعنده مروان، فجلس إلى جانب الوليد، فأقرأه الوليد الكتاب، فقال الحسين: إن مثلي لا يُعطَى بيعته سرًّا، وأنا طوع يديك، فإذا جمعت الناس لذلك حضرت، وكنت واحدًا منهم.
وكان الوليد رجلًا يحب العافية، فقال للحسين: فانصرف إذن حتى تأتينا مع الناس، فانصرف.
فقال مروان للوليد: عصيتني، ووالله لا يمكنك من مثله أبدًا.
قال الوليد: ويحك، أتشير عليَّ بقتل الحسين بن فاطمة بنت رسول الله ﷺ وعليهما السلام؟ والله إن الذي يحاسب بدم الحسين يوم القيامة لخفيف الميزان عند الله.
وتحرز (^١) ابن الزبير في منزله، وراوغ الوليد حتى إذا جن عليه الليل سار نحو مكة، وتنكب الطريق الأعظم فأخذ على طريق الفرع.
ولما أصبح الوليد بلغه خبره، فوجه في إثره حبيب بن كدين (^٢) في ثلاثين فارسًا، فلم يقعوا له على أثره، وشغلوا يومهم ذلك كله بطلب ابن الزبير.