208

The Tatars from the Beginning to Ain Jalut

التتار من البداية إلى عين جالوت

Nau'ikan

تعيين قطز للأمراء على بلاد الشام بدأ قطز ﵀ يوزع الولايات الإسلامية على الأمراء المسلمين. ومن حكمته ﵀ أنه أرجع بعضًا من الأمراء الأيوبيين إلى مناصبهم؛ وذلك ليضمن عدم حدوث فتنة في بلاد الشام، ولاشك أن هؤلاء لهم أتباع من المسلمين، وقطز لا يخشى الآن من خيانتهم؛ لأنه تبين لهم جدًا أنهم لا طاقة لهم بـ قطز ﵀ وبجنوده الأبرار، فأعطى ﵀ إمارة حمص للأشرف الأيوبي الذي كان مواليًا للتتار، ولكنه أظهر الندم والانكسار والتوبة وعاد إلى صف المسلمين، بل وانكسر بين أيديهم في موقعة عين جالوت كما أشار بذلك صارم الدين أيبك في الرسالة التي تحدثنا عنها في الدرس السابق، وأعطى قطز ﵀ إمارة حلب لـ علا الدين بن بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل الذي كان والده بدر الدين لؤلؤ من أشد الموالين للتتار، ومات منذ شهور قليلة ولكن ابنه علاء الدين أظهر الولاء والانقياد لـ قطز ﵀، وأظهر الحمية للإسلام، فلم يجعل قطز ﵀ التاريخ الأسود لأبيه حائلًا عن تقليده علاء الدين إمارة حلب، فقد كان يقدر كل رجل بقدره، وأعطى إمارة حماة إلى صاحبها الأسبق الأمير المنصور، الذي قاتل مع القوات الإسلامية المشتركة في عين جالوت، واشترك منذ بداية الإعداد مع قطز ﵀، وعين الأمير جمال الدين آقوش الذي قتل كتبغًا كما فصلنا في الدرس السابق على فلسطين وغزة. وأما دمشق فقد عين عليها الأمير علم الدين سنجر الحلبي، وهكذا استقرت الأوضاع تمامًا في بلاد الشام وفلسطين وقويت شوكة الإسلام، واختفى كل تهديد يمس المسلمين من النصارى أو اليهود. واستمر هذا الإعداد والترتيب قدر حوالي (٢٥) يومًا، وفي يوم (٢٦) من شهر شوال سنة (٦٥٨هـ) يعني: بعد حوالي شهر كامل من يوم عين جالوت، بدأ السلطان قطز ﵀ رحلة عودته إلى عاصمته القاهرة في مصر، فكثير من الأوضاع السياسية هناك تحتاج إلى استقرار وإدارة، وأصبحت دولة قطز ﵀ تمتد من الفرات إلى حدود ليبيا، ولابد من إعادة تنسيق كثير من الأوراق. ولا ننسى أن قطز ﵀ لم يمض عليه في الحكم حتى ذلك اليوم إلا أحد عشر شهرًا فقط، فقد تولى الحكم في (٢٤) من ذي القعدة سنة (٦٥٧) من الهجرة، وها هو يعود في أواخر شهر شوال سنة (٦٥٨) من الهجرة، فما زالت تنتظره آلاف الأعمال في مصر. وهكذا تم النصر المبين على التتار، واستيقظ المسلمون من الكابوس المزعج الذي آلمهم في كل السنوات الماضية.

11 / 7