الكتاب والسنة منهجًا
للتشريع ميادين كثيرة منها العبادات، والمعاملات، والسياسة وأمور المعاش والحياة، وباب الاجتهاد مفتوح فيها جميعًا إلا العبادات فليس فيها اجتهاد، فكل ما يتقرب به إلى الله ﵎ من أعمال يجب الوقوف فيها عند الحد المشروع، ولم يسمح الرسول ﷺ لأحد أن يزيد على ما قال فيها، أو أن يبدل شيئًا منها. وهاك بعض الأدلة التي تثبت هذا الأصل من أصول الإيمان:
أـ رأى رسول الله ﷺ رجلًا يمشي في الحج بين رجلين يسندانه فقال ﷺ: (ما هذا؟) فقالوا: يا رسول الله نذر أن يحج ماشيًا. فقال ﷺ: [إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني! ! مروه فليركب] (رواه بنحوه البخاري (٤/٤٥٠ و٤٥١ - فتح) ومسلم (١١/١٠٢ و١٠٣) وغيرهما عن أنس) فنهى ﷺ عن فعل لم يشرعه الله ﷿ وإن كان فاعله قاصدًا به التعبد والتقرب إلى الله ﷿.
ب - ورأى رسول الله ﷺ رجلًا آخر يجلس في الشمس فسأل عنه، فقالوا: يا رسول الله نذر أن يصوم، ولا يتكلم ويجلس في الشمس فقال صلوات وسلامه عليه: [ليتم صومه، وليتكلم وليجلس في الظل] (رواه بنحوه البخاري (١٢/٤٠١ و٤١٢) وأبو داود (٣٣٠٠) وغيرهما عن ابن عباس) فأقره رسول الله ﷺ على الصوم الشرعي فقط، ونهاه عن الصوم المبتدع وهو السكوت. وإن كان مشروعًا في شريعة سابقة كما في قصة زكريا وقول مريم ﵉: ﴿إني نذرت للرحمن صومًا فلن أكلم اليوم إنسيًا﴾ [مريم: ٢٦]، ولكن الله ﷿ لم يتعبدنا بهذه الشريعة وأمره بأن يتحول إلى الظل، لأن الجلوس في الشمس مع وجود الظل تكلف سخيف، وخروج عن