The Story of Life
قصة الحياة
Nau'ikan
إبراهيم وإسماعيل يبنيان الكعبة
ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ (^١) وَإِسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا لَهُ (^٢) تَحْتَ دَوْحَةٍ، قَرِيبًا مِنْ زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إِلَيْهِ، فَصَنَعَا كَمَا يَصْنَعُ الْوَالِدُ بِالْوَلَدِ، وَالْوَلَدُ بِالْوَالِدِ، ثُمَّ قَالَ: يَا إِسْمَاعِيلُ، إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي بِأَمْرٍ، قَالَ: فَاصْنَعْ مَا أَمَرَكَ رَبُّكَ، قَالَ: وَتُعِينُنِي؟، قَالَ: وَأُعِينُكَ، قَالَ: فَإِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَاهُنَا بَيْتًا - وَأَشَارَ إِلَى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ عَلَى مَا حَوْلَهَا - قَالَ: فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَا الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ -وكَانَتْ قَوَاعِدُ الْبَيْتِ قَبْلَ ذَلِكَ (^٣) - فَجَعَلَ إِسْمَاعِيلُ يَأتِي بِالْحِجَارَةِ، وَإِبْرَاهِيمُ يَبْنِي، حَتَّى إِذَا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ، جَاءَ بِحَجَرٍ وهو ﴿مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ﴾ (^٤) فَوَضَعَهُ لَهُ، فَقَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبْنِي، وَإِسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ، وَهُمَا يَقُولَانِ: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾.
ثم إنَّ رِجْلَهُ الْكَرِيمَةَ غَاصَتْ فِي الصَّخْرَةِ فَصَارَتْ عَلَى قَدْرِ قَدَمِهِ حَافِيَةً لَا مُنْتَعِلَةً. (^٥)
_________
(^١) عن عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ﵁ قَالَ: «أَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ مِنْ أَرْمِينِيَةَ، مَعَهُ السَّكِينَةُ تَدُلُّهُ، حَتَّى تَبَوَّأَ الْبَيْتَ كَمَا تَبَوَّأَتِ الْعَنْكَبُوتُ بَيْتَهَا، فَرَفَعُوا عَنْ أَحْجَارٍ الْحَجَرَ يُطِيقُهُ أَوْ لَا يُطِيقُهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا».
(^٢) عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ ﵁ قَالَ: " مَرَّ النَّبِيُّ ﷺ عَلَى نَفَرٍ مِنْ أَسْلَم -يعني من قبيلة أسلم- يَنْتَضِلُونَ (مِنْ الْمُنَاضَلَة، وَهِيَ الْمُرَامَاة بِالنُّشَّابِ) فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: " ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا". وفيه دليل أن عرب اليمن من ذرية إسماعيل. وَالْعَرَبُ كُلُّهَا مِنْ وَلَدِ سَامِ بْنِ نُوحٍ بِالِاتِّفَاقِ.
قال ابن كثير: قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَأَسْلَمُ بْنُ أَفْصَى بْنِ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ مِنْ خُزَاعَةَ. يَعْنِي: وَخُزَاعَةُ فِرْقَةٌ مِمَّنْ كَانَ تَمَزَّقَ مِنْ قَبَائِلِ سَبَأٍ حِينَ أَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ. . وَكَانَتِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ مِنْهُمْ. فَأَسْلَمُ قَبِيلَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَالْأَنْصَارُ أَوْسُهَا وَخَزْرَجُهَا مِنْ غَسَّانَ مِنْ عَرَبِ الْيَمَنِ مِنْ سَبَأٍ، نَزَلُوا بِيَثْرِبَ لَمَّا تَفَرَّقَتْ سَبَأٌ فِي الْبِلَادِ، حِينَ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ، وَنَزَلَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بِالشَّامِ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُمْ: غَسَّان بِمَاءٍ نَزَلُوا عَلَيْهِ قيلَ: بِالْيَمَنِ. وَقِيلَ: إِنَّهُ قَرِيبٌ مِنَ المُشَلَّل.
(^٣) كما صح عن ابن عباس، يعني: كانت الكعبة قد بنيت قبل ذلك. وإنما أخبر إبراهيم عن مكانها، (وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ)، واختلفوا في أول من بنى الكعبة، فقيل: آدم، وقيل: الملائكة.
(^٤) أَيِ: الْحَجَرُ الَّذِي كَانَ يَقِفُ عَلَيْهِ قَائِمًا لَمَّا ارْتَفَعَ الْبِنَاءُ عَنْ قَامَتِهِ فَوَضَعَ لَهُ وَلَدُهُ هَذَا الْحَجَرَ الْمَشْهُورَ لِيَرْتَفِعَ عَلَيْهِ لَمَّا تَعَالَى الْبِنَاءُ.
(^٥) ﴿فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ﴾ وَقَدْ كَانَ هَذَا الْحَجَرُ مُلْصَقًا بِحَائِطِ الْكَعْبَةِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ قَدِيمِ الزَّمَانِ إِلَى أَيَّامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ فَأَخَّرَهُ عَنِ الْبَيْتِ قَلِيلًا لِئَلَّا يَشْغَلَ الْمُصَلُّونَ عِنْدَهُ الطَّائِفِينَ بِالْبَيْتِ.
1 / 45