309
تتبع الفارين في أوطاس ونخلة وثقيف
ولَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ ﷺ مِنْ حُنَيْنٍ بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ فَقُتِلَ دُرَيْدٌ، وَهَزَمَ اللَّهُ أَصْحَابَهُ.
وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالغَنَائِمِ، فَجُمِعَتْ، وَكَانَ السَّبْيُ سِتَّةَ آلَافٍ مِنَ النِّسَاءَ وَالأَطْفَالِ، وَالإِبِلُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا، وَالغَنَمُ أَكْثَرُ مِنْ أَربَعِينَ أَلْفِ شَاةٍ، وَأَرْبَعَةُ آلَافِ أُوقِيَّةِ فِضَّةٍ، فَجَعَلَ عَلَيْهَا مَسْعُودَ بنَ عَمرٍو الغِفَارِيَّ ﵁، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُبِسَتْ بِالجِعِرَانَةِ، وَلَمْ يَقْسِمْهَا.
ثم توجه المسلمون للقضاء على ثقيف التي فرت من حنين وأوطاس، وتحصنت بحصونها المنيعة في الطائف. وحاصروا المشركين في الطائف أربعين ليلة. وكان رسول الله ﷺ يقول:"من بلغ بسهم فله درجة في الجنة" (^١). ونَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَيُّمَا عَبْدٍ نَزَلَ مِنَ الْحِصْنِ وَخَرَجَ إِلَيْنَا فَهُوَ حُرٌّ! فَنَزَلَ إِلَيْهِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا، فِيهِمْ: نُفَيْعُ بْنُ مَسْرُوحٍ، تَسَوَّرَ حِصْنَ الطَّائِفِ وَتَدَلَّى بِبَكْرَةٍ مُسْتَدِيرَةٍ، يُسْتَقَى عَلَيْهَا الْمَاءَ، فكَنَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَا بَكْرَةَ، فَأَسْلَمَ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ، فَأَعْتَقَهُمْ. ولَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الطَّائِفَ فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا قَالَ: "إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ". فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ وَقَالُوا: نَذْهَبُ، وَلَا نَفْتَحُهُ؟!، فَقَالَ: "اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ". فَغَدَوْا؛ فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ. فَقَالَ: "إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ". فَأَعْجَبَهُمْ. فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ.

(^١) المعنى من رمى بسهم بنية جهاد الكفار.

1 / 341