The Story of Life
قصة الحياة
Nau'ikan
وكان في شرطهم حين كتبوا الكتاب: أنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه - فتواثبت خزاعة فقالوا: نحن مع عقد رسول الله ﷺ وعهده، وتواثبت بنو بكر فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدهم -. فقال رسول الله ﷺ:"على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به"، فقال سهيل: والله لا تتحدث العرب أنا أُخِذنا ضغطة، ولكن ترجع عنا عامنا هذا، فلا تدخل علينا مكة، وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك، فتدخلها بأصحابك، وأقمت فيهم ثلاثًا، معك سلاح الراكب، لا تدخلها بغير السيوف في القرب (^١) فبينا رسول الله ﷺ يكتب الكتاب؛ إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده (^٢) - وقد خرج من أسفل مكة، حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، وقد كان أصحاب رسول الله ﷺ خرجوا وهم لا يشكون في الفتح، لرؤيا رآها رسول الله ﷺ، فلما رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع، وما تحمل رسول الله ﷺ على نفسه، دخلَ الناسَ من ذلك أمر عظيم، حتى كادوا أن يهلكوا - فلما رأى سهيل أبا جندل، قام إليه فضرب وجهه، ثم قال: يا محمد، قد لجت (^٣) القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا، قال: " صدقت. فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال رسول الله ﷺ: "إنا لم نقض الكتاب بعد"، قال: فوالله إذًا لم أصالحك على شيء أبدًا، فقال رسول الله ﷺ: "فأجزه لي"، قال: ما أنا بمجيزه لك، قال: "بلى فافعل"، قال: ما أنا بفاعل. فقام إليه فأخذ بتلبيبه، (^٤) فصرخ أبو جندل بأعلى صوته: يا معاشر المسلمين، أتردونني إلى أهل الشرك فيفتنوني في ديني وقد جئت مسلمًا؟، ألا ترون ما قد لقيت؟ - وكان قد عذب عذابًا شديدًا في الله - فزاد الناس شرًا إلى ما بهم، وقالوا: سبحان الله، كيف يُرَدُّ إلى المشركين وقد جاء مسلمًا؟، فقال رسول الله ﷺ: " يا أبا جندل، اصبر واحتسب، فإن الله ﷿ جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحًا، فأعطيناهم على ذلك، وأعطونا عليه عهدًا، وإنا لن نغدر بهم "، فوثب عمر بن الخطاب إلى أبي جندل، فجعل يمشي إلى جنبه وهو يقول: اصبر أبا جندل، فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب، قال: ويدني قائم السيف منه، قال عمر: رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه، فضن الرجل بأبيه. ونفذت القضية.
(^١) جمع قراب، وهو غمد السيف.
(^٢) أي: يمشي مشيا بطيئًا بسبب القيد.
(^٣) أي: وجبت.
(^٤) أخذ بتلبيبه، وتلابيبه: إذا جمعت ثيابه عند صدره ونحره، ثم جررته. وكذلك إذا جعلت في عنقه حبلا أو ثوبا ثم أمسكته به، واللبة: موضع الذبح، والتاء في التلبيب زائدة.
1 / 299