The Story of Life
قصة الحياة
Nau'ikan
قصة آدم ﵇
(إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) يعني: إذا سويَّتُ خلقه، وعدلت صورته، ونفخت فيه من روحي، فاسجدوا له.
وإن الله تعالى خلق آدم ﵇ في خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ وهو يَوْمُ الْجُمُعَةِ (^١)، بَعْدَ الْعَصْرِ فِي آخِرِ الْخَلْقِ فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ، فَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ، وَأَسْكَنَهُ جَنَّتَهُ، فَلِلَّهِ مَا أَمْسَى ذَلِكَ الْيَوْمُ حَتَّى عَصَاهُ فَأَخْرَجَهُ مِنْهَا.
وخلق اللهُ ﷿ آدمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِ مِائَةِ مَفْصِلٍ، طوله سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ، فِي سَبْعَةِ أَذْرُعٍ عَرْضًا (^٢)، فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدَهُ حَتَّى الْآنَ.
وخلق اللهُ آدمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ كُلِّهَا أَحْمَرِهَا وَأَسْوَدِهَا وَطَيِّبِهَا وَخَبِيثِهَا، فَسُمِّيَ: آدَمَ. فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ؛ فَجَاءَ مِنْهُمْ الْأَحْمَرُ وَالْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالسَّهْلُ وَالْحَزْنُ وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَبَيْنَ ذَلِكَ (^٣).
وخَلَقَ اللهُ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ فَجَعَلَهُ طِينًا ثُمَّ تَرَكَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ حَمَأً مَسْنُونًا (^٤) خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، ولما صوّر الله آدم في الجنة، تركه ما شاء الله أن يتركه، حَتَّى إِذَا كَانَ صَلْصَالًا كَالْفَخَّارِ (^٥) كَانَ إِبْلِيسُ يَمُرُّ بِهِ فَيَقُولُ: لَقَدْ خُلِقْتَ لِأَمْرٍ عَظِيمٍ. فجعل إبليس يُطيف به (^٦)، وينظر ما هو، فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ قَالَ: ظَفِرْتُ بِهِ، خَلْقٌ لَا يَتَمَالَكُ (^٧).
فلما نفخ الله فيه الروحَ (^٨) كَانَ أَوَّلُ مَا جَرَى فِيهِ الرُّوحُ بَصَرُهُ وَخَيَاشِيمُهُ؛ فَعَطَسَ، فقال: الحمد لله. فحمد الله بإذنه، فقال له ربه: يرحمك ربك يا آدم،
_________
(^١) خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فِيهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ وَفِيهِ أُهْبِطَ وَفِيهِ مَاتَ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَلَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَمَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ تُصْبِحُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُصِيخَةً (مُصْغِيَة مُسْتَمِعَة) حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ شَفَقًا مِنْ السَّاعَةِ، إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى فِيهَا شَيْئًا، إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَلَا يَسْتَعِيذُ مِنْ شَرٍّ، إِلَّا أَعَاذَهُ اللهُ مِنْهُ. قَالَ عَبْدَ اللهِ بْنَ سَلَامٍ ﵁: هِيَ بَعْدَ الْعَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ، وفي الحديث:"لَا يَزَالُ الْعَبْدُ فِي صَلَاةٍ مَا كَانَ فِي مُصَلَاّهُ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ".
(^٢) فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ، وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، "يُبعث أَهْلُ الْجَنَّةِ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فِي مِيلَادِ ثلاثٍ وَثَلَاثِينَ، جُردًا مُردًا مُكَحَّلِينَ، ثُمَّ يُذْهَبُ بِهِمْ إِلَى شَجَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ فَيُكْسَوْنَ مِنْهَا، لَا تَبْلَى ثِيَابُهُمْ، وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُمْ، ومَا مِنْ أَحَدٍ يَمُوتُ سِقْطًا وَلَا هَرِمًا - وَإِنَّمَا النَّاسُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ - إِلَّا بُعِثَ ابْنَ ثَلَاثِينَ سَنَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، كَانَ عَلَى مِسْحَةِ آدَمَ، وصُورَةِ يُوسُفَ، وَقَلَبِ أَيُّوبَ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، عُظِّمُوا وَفُخِّمُوا كَالْجِبَالِ".
(^٣) قال ﵊: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ أَوْ فَاجِرٌ شَقِيٌّ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتْنَ. وفي رواية: (مِنَ الْجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الْخرء بِأَنْفِهِ).
(^٤) الحمأ: الطين الأسود. المسنون: المتغيِّر لونه وريحه مِن طول مكثه. وجاء وصف الطين الذي خلق منه آدم أيضًا بأنه (لازب) أي: جيدًا لزجًا، يلتصق بعضه ببعض.
(^٥) صلصالًا: يابسًا لم تصبه نار، ويسمع له صوت عند النقر عليه كصوت الصلصلة. فهو يشبه الفخار وليس فخارًا، لأن الفخار هو الطين الذي يطبخ في النار.
(^٦) يستدير حواليه.
(^٧) فعرف إبليس بما آتاه الله من العلم أنَّ آدمَ خُلق خلقًا لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ وَيَحْبِسُهَا عَنِ الشَّهَوَاتِ، ولا يملك دفع الوسواس عنها ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾.
(^٨) الإنسان مكون من جسد وروح، ولا يعلم حال هذه الروح إلا الله، (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا).
1 / 17