The Story of Life
قصة الحياة
Nau'ikan
وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ غُلَامٌ شَابٌّ يَبِيعُ فِي حَانُوتٍ لَهُ، وَكَانَ لَهُ أَبٌ شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَلَدٍ آخَرٍ يَطْلُبُ سِلْعَةً لَهُ عِنْدَهُ، فَأَعْطَاهُ بِهَا ثَمَنًا، فَانْطَلَقَ مَعَهُ لِيَفْتَحَ حَانُوتَهُ فَيُعْطِيَهُ الَّذِي طَلَبَ، وَالْمُفْتَاحُ مَعَ أَبِيهِ، فَإِذَا أَبُوهُ الشَّيْخُ نَائِمٌ فِي ظِلِّ الْحَانُوتِ يَغِطُّ نَوْمًا، فَقَالَ: أَيْقِظْهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ أَبِي لَنَائِمٌ كَمَا تَرَى، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُرَوِّعَهُ مِنْ نَوْمِهِ. فَانْصَرَفَا، فَأَعْطَاهُ ضِعْفَ مَا أَعْطَاهُ، فَعَطَفَ عَلَى أَبِيهِ، فَإِذَا هُوَ أَشَدُّ مَا كَانَ نَوْمًا، فَقَالَ: أَيْقِظْهُ، قَالَ: لَا وَاللَّهِ، لَا أُوقِظُهُ أَبَدًا وَلَا أُرَوِّعُهُ مِنْ نَوْمِهِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ وَذَهَبَ طَالِبُ السِّلْعَةِ اسْتَيْقَظَ الشَّيْخُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: يَا أَبَتَاهُ وَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَ هَاهُنَا رَجُلٌ يَطْلُبُ سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا، فَكَرِهْتُ أَنْ أُرَوِّعَكَ مِنْ نَوْمِكِ، فَلَامَهُ الشَّيْخُ، فَعَوَّضَهُ اللَّهُ مِنْ بِرِّهِ لِوَالِدِهِ أَنْ نَتَجَتْ (^١) بَقَرَةٌ مِنْ بَقَرَهِ تِلْكَ الْبَقَرَةَ الَّتِي يَطْلُبُهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: بِعْنَاهَا، فَقَالَ: لَا أُبِيعُكُمُوهَا، قَالُوا: إِذَنْ نَأْخُذُهَا مِنْكَ، قَالَ: إِنْ غَصَبْتُمُونِي سِلْعَتِي فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ، فَأَتَوْا مُوسَى ﵇، فَقَالَ: اذْهَبُوا فَأَرْضُوهُ مِنْ سِلْعَتِهِ، فَقَالُوا: حُكْمُكَ؟ قَالَ: حُكْمِي أَنْ تَضَعُوا الْبَقَرَةَ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ وَتَضَعُوا ذَهَبًا صَامَتًا فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى، فَإِذَا مَالَ الذَّهَبُ أَخَذْتُهُ، قَالَ: فَفَعَلُوا وَأَقْبَلُوا بِالْبَقَرَةِ حَتَّى أَتَوْا بِهَا إِلَى قَبْرِ الشَّيْخِ وَهُوَ بَيْنَ الْمَدِينَتَيْنِ، وَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْمَدِينَتَيْنِ ﴿فَذَبَحُوهَا، وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ﴾ وَهُمْ يَتَرَدَّدُونَ فِي أَمْرِهَا. (فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وَابْنُ أَخِيهِ عِنْدَ قَبْرِهِ يَبْكِي، فَضَرَبَ بِبَضْعَةٍ مِنْ لَحْمِهَا الْقَبْرَ، فَقَامَ الشَّيْخُ يَنْفُضُ رَأْسَهُ يَقُولُ: "قَتَلَنِي ابْنُ أَخِي، طَالَ عَلَيْهِ عُمْرِي وَأَرَادَ أَخْذَ مَالِي"، وَمَاتَ.
فجعل الله لهم هذه البقرة آية من آياته ﷿، بأن تكونَ البقرة التي تفارق الحياةَ سببًا لحياة هذا القتيل؛ إذ لا رابطةَ في المعقول بين أن تُذبَح البقرة، ويُضرَب القتيلُ ببعض أجزائها فيحيا، فلو قِيل بضربِه بجزءٍ مِن بقرة حيةٍ لربما توهَّم متوهمٌ أنَّه استمدَّ الحياةَ مِن حياتها، ولكن أمرهم بضربِه بجزءٍ مِن بقرة ميتة، لتعود له الحياةُ بإذن الله. ثمَّ ذكَّرهم الله سبحانه أنه كما أحيا هذا القتيلَ بقدرته، كذلك يُحيي الموتى بعد مماتهم.
(^١) أي: أنتجت وولدت.
1 / 107