يا أهل الشقاق والنفاق، ومساوي الأخلاق. إني والله سمعت لكم تكبيرًا ليس بالتكبير الذي يراد به الله في الترغيب، ولكنه التكبير الذي يراد به الترهيب.
يا عبيد العصا وأشباه الإماء (^١)، إنما مثلي ومثلكم ما قاله ابن برّاقة الهمداني (^٢):
وكنت إذا قومٌ غزوني غزوتهم … فهل أنا في ذا يا لهمدان ظالم (^٣)
متى تجمع القلبَ الذكيَّ وصارمًا … وأنفًا حميًّا تجتنبك المظالم
والله لا تقرع عصًا على عصا إلا جعلتها (^٤) كأمس الدابر.
وقال وعلة بن الحارث بن ربيعة (^٥):
وزعمتَ أنَّا لا حلومَ لنا … إن العصا قرعت لذي الحلم (^٦)
أقتلتَ سادتنا بغير دمٍ … إلا لتوهنَ آمن العصم (^٧)
وقال كثير بن عبد الرحمن الخزاعي:
وقد قرع الواشون فيها لك العصا … وإن العصا كانت لذي الحلم تقرعُ
ذو الحلم: عامر بن الظرب العدواني (^٨)، وكان حكمًا للعرب يرجع إلى حكمه ورأيه، فكبر وأفناه الكبر والدهر وتغيرت أحواله، فأنكر عليه الثاني من ولده أمرًا من حكمه فقال له: إنك ربما أخطأت في الحكم ويحمل عنك.
فقال: اجعلوا لي أمارة أعرفها، فإذا أخطأت وقرعت لي العصا رجعت إلى الحكم.
فكان يجلس أمام بيته يحكم ويجلس ابنه في البيت ومعه العصا، فإذا زلّ وهفا
(^١) في البيان: «وأولاد الإماء».
(^٢) هو عمرو بن براقة، أو ابن براق، كما ذكر صاحب الأغانى ٢١: ١١٣ وهو أحد عدائى العرب، ذكره تأبط شرا في قصيدته الأولى من المفضليات:
ليلة صاحوا وأغروا بي سراعهم … بالعيكتين لدى معدى ابن براق
(^٣) هذا ما في خ والبيان، وفي الأصل: «ياهل».
(^٤) في الأصل: «جعلها» صوابه في خ.
(^٥) كذا في النسختين، والصواب: «الحارث بن وعلة» كما في البيان ٣: ٣٨ والحماسة ١: ٦٤.
(^٦) في البيان والحماسة: «وزعمتم ألا حلوم لنا».
(^٧) العصم: جمع أعصم وعصماء، وهو الوعل بإحدى يديه بياض.
(^٨) انظر للخلاف في «ذي الحلم» أمثال الميداني في (إن العصا قرعت لذي الحلم» والمعمرين للسجستاني ٤٥.