كان يقال له: الحبر والبحر؛ لكثرة علمه، وهو ترجمان القرآن، وهو والد الخلفاء العباسيين، وأحد العبادلة الأربعة، وهم: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وقول الجوهري في الصحاح بدل ابن العاص: ابن مسعود، مردود عليه؛ لأنه منابذ لما قال أعلام المحدثين؛ كالإمام أحمد، وغيره.
وقد ولد ابن عباس بشعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين، وتوفي النبي ﷺ وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وقال أحمد: خمس عشرة سنة، والأول هو المشهور.
وقد مكنه قربه من النبي صلى الله عليه سلم، ومكان خالته ميمونة عنده من أخذ الكثير والكثير، ثم إنه لم يأل جهدا -بعد وفاة الرسول ﷺ في طلب العلم. فكان يقصد الصحابة ويسألهم، حتى إنه لينتظر الصحابي في قيلولته، فيتوسد رداءه على بابه، والريح تسفي التراب على وجهه حتى يخرج إليه، فيخبره بما أراد. ويقول الصحابي: هلا أرسلت إليّ فآتيك، فيقول: لا أنا أحق أن آتيك.
هكذا يكون الحرص على طلب العالم وإجلال أهله، وقد بوأ هذا ابن عباس مكان الصدارة، وعمر مجلسه وحفل بقاصدي العلم والفقه.
قال عمرو بن دينار: ما رأيت مجلسا كان أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس: الحلال والحرام، والعربية، والأنساب، والشعر.