165

The Quranic Verses in Response to Opposing Innovations: A Creedal Study

الآيات القرآنية الواردة في الرد على البدع المتقابلة دراسة عقدية

Nau'ikan

في التزام منهج الحق؛ لاعتقاد أن أخبار الرسول ﷺ بمعزل عن العلم، وأنَّ العلم ما يلقيه الشيطان إليهم من نتاج عقولهم الفاسدة، ووساوس صدروهم المظلمة، وهواجس قلوبهم الخالية من الخير وكلماتهم، وحججهم العاطلة بل شبههم الداحضة الباطلة ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (٢٣)﴾ محمد: ٢٣، ﴿وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (١٨)﴾ الحج: ١٨. المعلم الثاني: موقفهم من العقل: هذا المعلم متداخل مع سابقِه وربما يكون وسيلة من وسائله، وأفردته لأهميته؛ لأن الناس في تعاملهم مع العقل طرفان ووسط؛ طرف جحدوا العقل وعطلوه (١)، وطرف عظموه وقدسوه وجعلوه حاكمًا على النصوص (٢)، فإن وافقه النص قُبل وإلا فلا، فإن كان نصًا قرآنيًا أولوه وصرفوه عن معناه الحق، وإن كان نبويًا صحيحًا ووجدوا له مخرجًا وأولوه، وإن لم يستطيعوا لذلك سبيلًا طعنوا فيه وردوه، دون اعتبار للقواعد والأصول الشرعية في التعامل مع النصوص. أما منهج الوسطية فهو الأرشد؛ لأنه لا يميل إلى جحد العقل أو تعظيمه دون حق، بل يثبت له دوره السليم الذي أذن فيه الله ورسوله ﷺ (٣)، مع التمسك بنصوص الكتاب والسنة وتقديمها عليه؛ لأن تعارض النص الصريح -من الكتاب والسنة- مع العقل الصحيح

(١) أمثال: الصوفية والرافضة الذين ذموا العقل وعطلوه واعتقدوا ما لا يقبل ولا يعقل من الحماقات والخرافات. (٢) أمثال: الفلاسفة والمتكلمين من المعتزلة وغيرهم الذين غالبوا في تقديس العقل وجعلوه الأصل لعلومهم ومعارفهم وسبيل الوصول إلى الحقائق والحكم المقدم على النقل والشرائع. (٣) لقد اهتم الإسلام بالعقل اهتمامًا بالغًا وفق ضوابط محددة تتفق مع قدراته وإمكاناته، فمن ذلك: أن الله ﷿ جعله مناط التكليف، فإذا ما فُقِد ارتفع التكليف. جعله أحد الضرورات الخمس. أن أحكام الإسلام كلها معقولة تخاطب أولى الألباب والنهي. أن القرآن والسنة مملوءان بالأدلة العقلية التي هي آيات الله الدالة على عظمته، وعلى ربوبيته، ووحدانيته، وعلمه، وقدرته وحكمته، ورحمته، التي تقصر عنها عقول أهل الكلام والفلسفة. أن العقل الصحيح السليم يدرك أصول الاعتقاد على الإجمال لا على التفصيل. العقل البشري عاجز عن معرفة مسائل العقيدة الغيبية بنفسه استقلالًا. ينظر: الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة (٢/ ٧٩٣)، درء تعارض العقل والنقل (١/ ٢٨ - ٢٩)، ومجموع الفتاوى (٣/ ٢٩٦)، شرح العقيدة الطحاوية (١/ ٣٨)، الموافقات في أصول الشريعة للشاطبي (٣/ ١٣).

1 / 165