143

The Quranic Verses in Response to Opposing Innovations: A Creedal Study

الآيات القرآنية الواردة في الرد على البدع المتقابلة دراسة عقدية

Nau'ikan

تمهيد في تعريف الغلو والجفاء: إذا عرفنا أن الوسطية هي الخلاص من مشقة الإفراط وهاوية التفريط، وأنها دلالة على طابع التوازن والتكامل والانسجام، الذي نستقيه من فهم الإسلام واستلهام توجيهاته؛ وجب علينا أن نعرف ما المراد بالغلو والجفاء المناقضين للوسطية اللذين هما جنوح عن المنهج القويم وانحراف عن الصراط المستقيم، وفيما يلي بيان ذلك: حقيقة الغلو: - معنى الغلو لغة: تدور الأحرف الأصلية لهذه الكلمة ومشتقاتها (١)، على أصل صحيح يدل على الارتفاع ومجاوزة القدر، فغلا في الأمر يغلو غلوًا، أي جاوز الحد فيه وأفرط. فأصل الغلو في كل شيء مجاوزة حده الذي هو حده، يقال: غلا في الدين غلوًا تشدد وتصلب حتى جاوز الحد، قال ﷺ: «إياكم والغلو في الدين» (٢) أي: التشدد فيه ومجاوزة الحد، وغلا السهم: ارتفع في ذهابه وجاوز المدى، ويقال للشيء إذا ارتفع: قد غلا، وغلا النبت: ارتفع وعظم. ومن هذا يتضح أن "الغلو" في اللغة هو: الارتفاع عن القدر المعتاد، أو مجاوزة الحدِّ المألوف في كل شيءٍ.

(١) ينظر: معجم مقاييس اللغة مادة (غلو) (٤/ ٣٨٧)، والصحاح مادة (غلا) (٦/ ٢٤٤٨)، ولسان العرب، مادة: "غلا". (٢) أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢١٥، ٣٤٧)، والنسائي كتاب المناسك باب الْتِقَاطِ الْحَصَى برقم (٣٠٥٧)، وابن ماجة في كتاب المناسك، باب قَدْرِ، حَصَى الرَّمْيِ برقم (٣٠٢٩)، وصححه الحاكم (١/ ٤٦٦)، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني كما في السلسلة الصحيحة برقم (١٢٨٣)، وصحيح الجامع برقم (٢٦٨٠).

1 / 143