ولنأخذ مثلًا الآية القصصية التي تذكر الإيحاء إلى الحواريين وما أجابوا به،
قال تعالى:
﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ﴾ [المائدة ١١١/ ٥].
فالوحي هنا يأخذ معنى (كلام عادي) موجه إلى الحواريين، وقد جسمته بكيفية ما إجابتهم نفسها، وهذه الإجابة تدل أيضًا عند هؤلاء الحواريين على يقين إدراكي ناتج بأكمله عن الوحي، وليس مصاحبًا له، فإن التيقن بصحة ظاهرة ما ليس مصاحبًا في إدراكنا لوقت مشاهدتها، بل هو ينتج كصدى عقلي يصدر عنا.
ويترتب على هذا أن يقين النبي في مصدر المعرفة الموحاة لا يجيء مع الوحي نفسه، ولا يؤلف جزءًا من طبيعته، بل إنه في صورته الكاملة من عمله الشعوري بوصفه رد فعل طبيعي لهذا الشعور إزاء ظاهرة خارجية.
هذا الوصف يعطي الوحي نفسه- كما نريد أن نوضح- الخصوصية التي تجعله خارج أحوال الفرد النفسية، لتكون مهمته الوحيدة أن يصوغ أساسًا عقليًا ليقينه واقتناعه الشخصي
إقتناعه الشخصي
مقياسه الظاهري
مقياسه العقلي
يبدو أن الكتاب المحدثين لم يأخذوا في اعتبارهم- أثناء تحليلهم للظاهرة القرآنية- حقيقة نفسية جوهرية هي: اقتناع النبي الشخصي. ومع ذلك فمن