الموصل إليها، فمن هدي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم، الذي أرسل به رسله، وانزل به كتبه هدي هناك إلى الصراط المستقيم الموصل إلى جنته، ودار ثوابه، وعلى قدر ثبوت العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم، وعلى قدر سيره على هذا الصراط يكون سيره على ذلك الصراط».
كما ذكر في كتابه «بدائع الفوائد» (١) أن الهداية أربعة أنواع: الهداية العامة المشتركة كما قال تعالى: ﴿قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ (٢) أي هداه لما خلق له من الأعمال وهذه تشمل الحيوان والجماد. ثم ذكر هداية البيان والدلالة والتعريف لنجدي الخير والشر، وهداية التوفيق والإلهام، ثم قال: والرابع غاية هذه الهداية وهي الهداية إلى الجنة والنار إذا سبق أليهما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِأيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ (٣) وقال أهل الجنة ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا﴾ (٤) وقال تعالى عن أهل النار ﴿احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ﴾ (٥).
(١) ٢: ٣٥ - ٣٧.
(٢) سورة طه، الآية: ٥٠.
(٣) سورة يونس، الآية: ٩.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ٤٣.
(٥) سورة الصافات، الآية: ٢٣، كما ذكر ابن القيم في «مدارج السالكين» ١: ٦٢ - ٧٨: ان للهداية الخاصة والعامة عشر مراتب: مرتبة التكليم من الله لعبده، ومرتبة الوحي المختص بالأنبياء، ومرتبة إرسال الرسول الملكي إلى الرسول البشري، ومرتبة التحديث، ومرتبة الإفهام، ومرتبة البيان العام، ومرتبة البيان الخاص والتوفيق، ومرتبة إسماع القلوب، ومرتبة الإلهام، ومرتبة الرؤيا الصادقة.