The Prophetic Biography and the Call in the Civil Era
السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني
Mai Buga Littafi
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
Lambar Fassara
الأولى ١٤٢٤هـ
Shekarar Bugawa
٢٠٠٤م
Nau'ikan
وفي رواية البخاري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة ﵂ زوج النبي ﷺ أخبرته أن رسول الله ﷺ جاءها حين أمره الله تعالى أن يخير أزواجه، فبدأ بي رسول الله ﷺ، فقال: "إني ذاكر لك أمرًا، فلا عليك أن تسعجلي حتى تستأمري أبويك"، وقد علم أن أبوي، لم يكونا يأمراني بفراقه ثم تلا عليّ الآيات.
فقلت له: أفي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة١.
لقد جاء القرآن الكريم ليحدد القيم الأساسية في تصور الإسلام للحياة. هذه القيم التي ينبغي أن تجد ترجمتها الحية في بيت النبي ﷺ وحياته الخاصة، وأن تتحقق في أدق صوره، وأوضحها في هذا البيت الذي كان وسيبقى منارة للمسلمين حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
ونزلت آيتا التخيير تحددان الطريق، فإما الحياة الدنيا وزينتها، وإما الله ورسوله والدار الآخرة، فالقلب الواحد لا يسع تصورين للحياة، وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه.
ونحب أن نقف أمام هذا الحادث نتدبر بعض العبر٢:
١- إنه يحدد التصور الإسلامي الواضح للقيم، ويرسم الطريق الشعوري للإحساس بالدنيا والآخرة، ويحسم في القلب المسلم كل أرجحة، وكل لجلجة، بين قيم الدنيا وقيم الآخرة، بين الاتجاه إلى الأرض والاتجاه إلى السماء، ويخلص هذا القلب من كل وشيجة غريبة تحول بينه وبين التجرد لله؛ لأن الخلوص يجب أن يكون له ﷾ وحده دوه سواه.
٢- يصور لنا هذا الحادث حقيقة حياة رسول الله ﷺ والذين عاشوا معه واتصلوا به، وأجمل ما في هذه الحقيقة أن تلك الحياة كانت حياة إنسان، وحياة ناس من البشر، لم يتجردوا من بشريتهم ومشاعرهم، وسماتهم الإنسانية مع كل تلك العظمة الفريدة البالغة التي ارتفعوا إليها، ومع هذا الخلوص لله والتجرد مما عداه، فالمشاعر
١ صحيح البخاري ك النكاح ج٧ ص٣٧٦ ط الأوقاف. ٢ انظر في ظلال القرآن ج٥ ص٢٨٥٥ بتصرف يسير.
1 / 148