167

The Prophetic Biography and Islamic History

السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي

Mai Buga Littafi

دار السلام

Bugun

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٢٨ هـ

Inda aka buga

القاهرة

Nau'ikan

بالنسبة لهرقل؛ تفيد مصادرنا الإسلامية أنه رد على الرسالة ردّا جميلا «١» . بل وتذهب بعض المصادر إلى أنه مال إلى الإسلام، إلا أن الروم لم يطاوعوه على ذلك، مما جعله يعتذر للنبي ﷺ عن عدم قبول الإسلام، بسبب موقف رجال الدين المسيحي، أما غالبية مصادرنا الإسلامية فلا تشير مطلقا إلى رد هرقل. وتطور العلاقات بين المسلمين والروم في آخر حياة النبي ﷺ، وفي عهد الخلفاء الراشدين يجعلنا نميل إلى ما أخذت به غالبية المصادر، وهو عدم ورود ردّ من هرقل إلى النبي.
فهرقل عند ما وصلته رسالة النبي كان عائدا لتوّه من حربه مع الفرس تلك الحرب التي انتصر فيها عليهم انتصارا ساحقا، ويبدو أنه كان عائدا معتدّا بنفسه وبما حققه من إعادة الصليب الأكبر إلى بيت المقدس، ومن رده الاعتبار إلى بيزنطة التي كان الفرس قد مرغوا أنفها في التراب، يبدو أن هرقل كان مزهوّا بهذا كله. فلما جاءته رسالة النبي ﷺ وكان بالشام وقتها كما تذكر بعض المصادر- وهو على هذه الحالة لم يهتم بها ولم يرد عليها. ودلّت تصرفاته وسلوكه في الفترة التالية لوصول الرسالة على أنه في البداية- ربما- لم يقدر خطورة الرسالة ولا صاحبها ولا الدعوة التي دعاه إليها. فلما تنبه إلى خطورة الموقف، وأدرك أن الإسلام قد أصبح قوة ضخمة، وتصور أنه أصبح خطرا على ملكه، وأراد أن يقاومه كان الوقت متأخرا جدّا. فلم يعد في مقدور أحد- كائنا من كان- أن ينال من الإسلام أو يوقف زحفه.
والسؤال هنا هو: إذا كانت رسالة النبي ﷺ إلى هرقل سلمية، وخالية من التهديد بالحرب، لا حالا ولا مستقبلا؛ حيث لم يقل النبي ﷺ لهرقل: إذا لم تسلم أقاتلك أو سأقاتلك- إذا كان الأمر كذلك فمن المسؤول إذن عن الحروب التي نشبت بين المسلمين والروم سواء في حياة الرسول أو بعد وفاته؟
المسؤولية هنا- وبدون تعصب أو تحيز- تقع كاملة على هرقل والروم معه؛ فهم الذين بدؤوا بالعدوان ضد المسلمين؛ إليك الوقائع الآتية:
في العام الثامن للهجرة أرسل النبي ﷺ، سرية مؤتة- الشهيرة- والتي كانت مكونة من ثلاثة آلاف جندي مسلم- لتأديب القبائل العربية القاطنة في مناطق التخوم بين بلاد العرب والشام، على جرائم وحماقات ارتكبوها في حق المسلمين،

(١) انظر تاريخ اليعقوبي (٢/ ٦٧) .

1 / 193