The Precious Collection on the Ruling of Supplicating to Other than the Lord of the Worlds

Muhammad ibn Abd Allah al-Maqshī d. Unknown
80

The Precious Collection on the Ruling of Supplicating to Other than the Lord of the Worlds

المجموع الثمين في حكم دعاء غير رب العالمين

Nau'ikan

فإن قلت: هؤلاء المستغيثون بالأموات أو الغائبين أيضًا يطلبون منهم أن يشفعوا لهم إلى الله تعالى ويدعوا لهم بقضاء حاجاتهم وهم قادرون على ذلك فتكون استغاثتهم هذه من قبيل النوع الأول. قلتُ: في هذا التقرير خلل من وجوه: (الأول) أن فيه ذهولًا عن قيد الحي، والمراد بالحياة الدنيوية لا البرزخية. و(الثاني) أن ظاهر ألفاظهم مثل: يا رسول الله اشف مريضي واكشف عني، وهب لي ولدًا ورزقًا واسعًا ونحو ذلك، دال على أنهم لا يطلبون منهم الشفاعة، بل يطلبون شفاء المريض وكشف الكربة وإعطاء الولد والرزق، وظاهر أنهم غير قادرين على تلك الأمور. و(الثالث) أن هؤلاء المستغيثين بالأموات والغائبين يدعونهم ويستغيثون من أماكن مختلفة ومواضع بعيدة معتقدين أن الأموات والغائبين يعلمون استغاثتهم ويسمعون دعاءهم من كل مكان وفي كل زمان، ولا ريب أن هذا إثبات لعلم الغيب لهم الذي هو من الصفات المختصة بالله تعالى فيكون شركًا" (^١). وقال أيضًا: "وتحقيق القول في ذلك الباب أنا لا ننكر المجاز العقلي، ولكن لابد هناك من التفصيل، وهو أنه إذا وُجد في كلام المؤمنين إسناد شيء مما يقدر عليه العبد لغير الله تعالى يجب حمله على الحقيقة، ولا يصح حمله على المجاز العقلي كما في الأمثلة المذكورة. وإذا وُجد في كلام المؤمنين إسناد شيء مما لا يقدر عليه إلا الله مثل فلان شفاني وفلان رزقني وفلان وهب لي ولدًا يجب حمله على المجاز العقلي، ولكن لا مطلقًا، بل متى لم يصدر من ذلك المتكلم شيء من الألفاظ والأعمال الكفرية مما هو كفر بواح، وشرك قراح، وأما إذا صدر منه شيء من تلك الألفاظ والأعمال فلا يحمل كلامه على المجاز العقلي، إذ المؤمن بهذا اللفظ والعمل قد انسلخ من الإيمان فلم يبق مؤمنًا، فلا وجه لهذا الحمل، ولا ريب في أنّ عبدة الأنبياء والصالحين يصدر منهم من الألفاظ والأعمال ما هو كفر صريح كالسجدة والطواف والنذر والنحر ونحو ذلك.

(^١) صيانة الإنسان (ص: ٢٢٠ - ٢٢٣).

1 / 80