يقول الفراء مُعلِّقًا على مَوطنِ الشاهد: «أَرادَ: إِلى القادمِ، فحذفَ اللامَ عندَ اللامِ» (١) الأولى للتخفيف.
٣ - ومن الأمثلة ما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ﴾ [التوبة: ٣٨] (٢). يقول الفراء: «معناه - والله أعلم- «تَثَاقَلْتم»، فإذا وصلتها العربُ بكلامٍ أدغموا التاءَ في الثاءِ؛ لأَنَّها مناسبةٌ لَها، ويُحدِثون أَلِفًا لَم يكنْ ليبنوا الحرفَ على الإدغامِ في الابتداءِ والوصلِ، وأنشدني الكسائيُّ شاهدًا فيه:
..................................... .... إذا مَا اتَّابَعَ القُبَلُ (٣)
والشاهد فيه قوله: «اتَّابَعَ» معناه، تَتَابَعَ، إِلاَّ أَنَّ التاءَ أُدغمت في التاء فاحتيجَ إلى ألفِ الوصلِ، ومثلهُ اثَّاقَلَ، وادَّاركَ، أدغم فيهما المتقاربان واجتُلِبَت الألفُ لِتيسِيْرِ النُّطقِ. (٤)
وقال الطبري في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا﴾ [البقرة: ٧٢] (٥): «وإِنَّما أَصلُ فادَّارَأْتُم فَتَدَارَأْتُم، ولكنْ التاء قريبةٌ من مَخرجِ الدالِ، وذلك أَنَّ مَخرجَ التاء من طرف اللسانِ وأصولِ الشفتينِ، ومَخرجَ الدالِ من طَرفِ اللسانِ وأطرافِ الثَّنِيَّتَيْنِ (٦)، فأدغمت التاءُ في الدال، فجُعلت دالًا مشددةً كما قال الشاعرُ ...». ثم أورد الشاهد السابق، ثم بَيَّنَ مَحلَّ