يغض من قيمة الشعر أو يحض على الانصراف عنه. ولِتَنْزِيهِ القرآن الكريم عن أن يكون شعرًا، وبُعدهِ عن طرائق الشعر أسبابٌ، منها ما في أذهان العرب من قَرْنِ الشِّعرِ بالشيطنةِ والشَّرِّ، وصلته بالموسيقى والغناء، ولِمَكان القرآن من التحدي، ولأن روح الشعر بعيدة عن الالتزام، وقد كان القرآن دعوةً ملتزمةً بِمَنهجٍ لا تحيد عنه، خالفتْ الشعرَ في الغايةِ فبعدت عن مناهجه وطرائقه (١).
وهناك سورة في القرآن سُمِّيت باسم الشعراء لذكرهم في بعض آياتها، يقول الله تعالى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ (٢٢٣) وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ (٢٢٦) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢٢٧)﴾ [الشعراء: ٢٢١ - ٢٢٧] (٢). وهذه الآيات تذكر الشعراءَ بصيغةِ العُمومِ، ولكنَّ المقصودَ بِها شعراءُ قريش الذين ناصبوا الإسلام العداء ومن أشهرهم عبدالله بن الزِّبَعْرى (٣) قبل إسلامه الذي أثار الخواطر ضد المسلمين بعد وقعة بدر (٤)، وهُبَيْرةُ بن أبي وَهب المخزوميُّ (٥)، وأميَّةُ بن أبي الصَّلت (٦)، ويدخل معهم كُلُّ من سلكَ بالشعر مسلكَ الكذبِ والهجاءِ، وما حُرِّمَ في الإسلام.