The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought
ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي
Mai Buga Littafi
دار الكلمة
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م
Nau'ikan
مع قريش بمكة كبائت فلا يسمع أمرًا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام.
ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولي أبو بكر منحة من غنم، فيريحا عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان في رسل - وهو لبن منحتهما ورضيفهما - حتى ينعق بها عامر بن فهيره بغلس، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث.
واستأجر رسول الله صلى الله عليه سلم رجلًا من بني الديل فأمناه. فدفعا إليه راحلتيهما، وانطلق معهما عامر بن فهيره والدليل فأخذ بهم طريق السواحل" (١) .
وبقدر ما كانت الهجرة إلى المدينة ووضع نواة الدولة الإسلامية خلاصًا للدعوة، وخروجًا بها من مأزق الجمود والحصار الذي كان مضروبًا عليها بمكة، كانت أيضًا بداية لمصارعة قوى جديدة، والعمل في محيط لا يقل عداء وصعوبة عن مكة، وإن تغير الموقف في الظاهر.
فقد كان على الدعوة أن تصارع العرب المشركين قاطبة - وليس قريشًا وحدها -، واليهود - أمكر خلق الله وأحقدهم -، والمنافقين - ذلك العدو الأرقط الجديد - وأن تحسب الحساب لمجابهة الدولتين العظمتين فارس والروم. وهذا يستدعي تكاليف باهظة وتبعات جديدة.
هذا كله وهو إلى جانب العبء الأساسي وهو تزكية هذه الجماعة المؤمنة، وإيجاد الترابط الإيماني المنشود بينهما، وإعدادها لحمل الأمانة العظمى.
ومنذ أن حمل النبي ﷺ بيده الشريفة اللبن لبناء المسجد لم يزل بانيًا لصرح ما شهد العالم الأرضي مثله حتى لقي ربه، فقد بنى - بأمر ربه وإذنه - أمة فذة ودولة فريدة تتقاصر دونهما أحلام الحكماء وتخيلات الشعراء.
لقد كانت الجماعة الأولى فذة في تركيبها ومنهجها ونموها وحركتها، كل ذلك لأن عين الله تعالى ترعاها ووحيه يربيها ويزكيها.
لكن كيف كانت التزكية؟! أهي الأوامر والنواهي وحدها أم التصورات الاعتقادية المجردة؟!. كلا بل كانت حلقات قاسية من المعاناة والتربية بالأحداث والتجارب والفتنة والابتلاء.
_________
(١) الفتح٠ (٧/٢٣٢) .
1 / 41