166

The Phenomenon of Postponement in Islamic Thought

ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي

Mai Buga Littafi

دار الكلمة

Bugun

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م

Nau'ikan

معه الجزم بتخطئة من قعد عن نصرة عليّ - أعني الممسكين عن الخوض في الفتنة - فأراد التوفيق والتأويل، فاعتذر عن هؤلاء بأنهم لم يتبين لهم الصواب مع علي أم مقاتليه؟ ووضع في اعتباره أن القول بترك قتال المسلمين مطلقًا يؤدي إلى جرأة المفسدين وتطاول المجرمين - وهي العلة التي يذكرها الفقهاء المتأخرون كثيرًا (١) - فجعل الإمساك عن ذلك مخصوصًا بهذه الحالة وحدها.
واعتذر عن العمل بالأحاديث بقوله: "تتأول الأحاديث على من لم يظهر له المحق، أو على طائفتين ظالمتين لا تأويل لواحدة منهما" (٢) .
وهذا الذي ذهب إليه هو وغيره من الفقهاء يتبين صوابه أو خطؤه باستعراض مواقف الممسكين عن الفتنة واحدًا واحدًا:
١ - فهذا أسامة بن يزيد - على عظيم صلته بعلي ﵄ يقول عنه مولاه حرملة: "أرسلني أسامة إلى علي، وقال: إنه سيسألك الآن فيقول: ما خلف صاحبك (٣)؟ فقل له: يقول لك: لو كنت في شدق الأسد لأحببت أن أكون معك فيه، ولكن هذا أمر لم أره" (٤) .
فأسامة يفرق بين العلاقة الحميمة وبين أمر لم يجد له في الشرع مخرجًا، ولو رآه جائزًا لما تردد عنه.
وينقل الحافظ عن ابن بطال: أن أصل موقف أسامة هذا هو ما نذره على نفسه يوم أن قتل الرجل الذي قال لا إله إلا الله - أنه لا يقاتل مسلمًا أبدًا (٥) .
٢ - وهذا أبو موسى الأشعري، وصاحبه أبو مسعود الأنصاري، يعيبان على عمار مشاركته في القتال - وقد كان مع علي - قال شقيق بن سلمة: "كنت جالسًا مع أبي مسعود وأبي موسى وعمار، فقال أبو مسعود: ما من أصحابك أحد إلا لو شئت لقلت فيه غيرك، وما رأينا منك شيئًا منذ صحبت النبي ﷺ أعيب عندي من استسراعك في هذا الأمر.

(١) انظر: الفتح (١٣/٣١)، فقد نقل عن الطبري وجمهور الفقهاء ما يشبه كلام النووي.
(٢) شرح النووي على مسلم (١٨/١٠)، ومعلوم أن الاحتمال الأخير لا ينطبق على الصحابة، وأن الذين قالوا: إن الطائفتين فاسقتان كلاهما، هم المبتدعة كعمرو ابن عبيد!!
(٣) أي ما الذي جعله يتخلف عنا؟
(٤) البخاري (١٣/٦١) .
(٥) الفتح (١٣/٦٨)

1 / 174