The Orientalists' View of the Mu'tazila
موقف المستشرقين من المعتزلة
Nau'ikan
المبحث الرابع: المنزلة بين المنزلتين
المنزلة بين المنزلتين عند المعتزلة:
قد أجمعت المعتزلة على قضية المنزلة بين المنزلتين واعتبروها أصلًا من الأصول الثابتة، وتلقب هذه المسألة حسب ما ذكره القاضي عبدالجبار (بمسألة الأسماء والأحكام).
ومرادهم بذلك: العلم بأن لصاحب الكبيرة اسمًا بين الاسمين وحكمًا بين الحكمين في الدنيا، وأما في الأخرة فهو كافر مخلد في النار (^١).
موقف المستشرقين من أصل المنزلة بين المنزلتين:
يرى المستشرق (فان إس) أن المنزلة بين المنزلتين، مصطلح ديني استعمله واصل بن عطاء وغيره من المعتزلة للدلالة على درجة الخلاص للآثم القاتل (الفاسق) المسلم (^٢).
وأن كلمة (منزلة) قد اعتمدت وحدها في المعنى الاصطلاحي (درجة الخلاص) (^٣)، وأن فكرة المنزلة بين المنزلتين إنما وردت في قول للزاهد البصري (يزيد الرقاشي) الذي توفي بين سنة ١١٠ - ١٢٠ للهجرة، حيث قال: ليس بين الجنة والنار منزلة، إلا أن واصل بن عطاء تبنى القول بالمنزلة بين المنزلتين، وقال به (^٤).
ويرى المستشرق (هنري كوربان) بأن مبدأ المنزلة بين المنزلتين هو الذي سبب الشقاق بين مؤسس مدرسة المعتزلة واصل بن عطاء وبين أستاذه الحسن البصري، والسبب فيه هو الخلاف حول مفهوم (مرتكب الكبيرة)، فالمعتزلة تقول؛ إنه في منزلة ما بين الكفر والإيمان.
وهم يُعينون منزلته لاهوتيًا وشرعيًا بصفتها متميزة في آن واحد عن منزلة المسلم ومنزلة غير المسلم. ويميز المعتزلة ومعهم سائر الفقهاء ورجال الدين في الإسلام بين نوعين من المعاصي: الصغائر والكبائر، فالصغائر لا تستوجب إقصاء صاحبها عن حلقة المؤمنين على أن لا يعود العاصي إلى معاودة ارتكابها، أما الكبائر فهي - أيضًا- على نوعين: كبيرة الشرك والكبائر الأخرى، وهذه الكبائر الأخرى برأي المعتزلة توجب إقصاء مرتكبها عن الجماعة دون أن يعتبر مع ذلك كافرًا بالمعنى المطلق للكفر. فمرتكب الكبائر هو إذن في منزلة وسط لا هي بمنزلة المؤمن ولا بمنزلة غير المؤمن. وهذا المبدأ القائل بمنزلة بين المنزلتين اقتضى هو الآخر بعض الصعوبات (^٥).
ففسر المستشرقون هذا المصطلح بنفس تفسير المعتزلة (^٦).
(^١) انظر: شرح الأصول الخمسة: ١٣٧. (^٢) انظر: المنزلة بين المنزلتين (فان أس) ضمن موجز دائرة المعارف الإسلامية ٣١/ ٩٦٩٨. (^٣) انظر: موجز دائرة المعارف الإسلامية ٣١/ ٩٦٩٨. (^٤) المرجع السابق ٣١/ ٩٦٩٨ - ٩٦٩٩. (^٥) انظر: تاريخ الفلسفة الإسلامية (هنري كوربان): ١٩٠. (^٦) انظر: شرح الأصول الخمسة: ٦٩٧.
1 / 36