The Multiplicity of Caliphs and the Unity of the Ummah: Jurisprudence, History, and Future
تعدد الخلفاء ووحدة الأمة فقها وتاريخا ومستقبلا
Nau'ikan
وصحَّ لنا من بعده لأنَّنا مأمورون بالاقتداء به، فحتى لو قلنا: إنَّ الخلافة هي خلافة عن رسول الله ﷺ، آلَ الأمرُ عند التحقيق إلى خلافة عن الله تعالى، فما الرسول إلا رسول الله، وهو لا يُمثِّل نفسَه بل يُمثِّل ربَه ﵎، ويُبَلِّغُ عنه شرعه.
ثم إنَّ الخلافة لو كانت خلافةً عن رسول الله، لكان كلُّ مَنْ يلي أمرَ المسلمين خليفةً لرسول الله ﷺ، ولمَاَ دُعي عمرُ بن الخطاب ﵁ في بداية عهده بخليفة خليفة رسول الله ﷺ (١). ثمَّ إن قول أبي بكر: لست خليفةَ الله، ولكنِّي خليفة رسول الله، لا يصحُّ دليلًا على رأي الجمهور، لأنَّه ورد عنه ﵁ أنَّه قد رفض أن يسمى حتى خليفةَ رسول الله ﷺ وسمى نفسَه الخالفة، وأقواله هذه يُفهم منها تواضعه ﵁ لا أكثر (٢).
وأما الرأي الثالث: القائل إن الخلافة هي عن الله ورسوله معًا: فهو رأي التفتازاني (٣) والشيعة (٤) وإنْ انطلق كلٌ منهما من منطلق يختلف عن الآخر.
وأما الرأي الرابع: القائل إنَّ الخلافة هي خلافة عن الأمة: فقال به القرطبي (٥) وبعض المعاصرين كيوجه سوي ولؤي صافي وبسيوني وصاحب كتاب (الخلافة وسلطة الأمة) والخالدي. وهو رأي تبنَّته الموسوعة الفقهية (٦). وقال الماوردي: «الإمامة من الحقوق العامة المشتركة بين حق الله وحقوق الآدميين» (٧).
(١) تاريخ الطبري: ٢/ ٥٦٩. الطبقات الكبرى لابن سعد: ٣/ ٢٨١. مقدمة ابن خلدون: ص ٢٢٧ الفصل الثاني والثلاثون. البداية والنهاية لابن كثير: ٧/ ١٥٤. وفيات الأعيان لابن خلكان: ٦/ ١٠٥. المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي: ٤/ ١٣٥.
(٢) انظر: ص (١٦) فقد سبق إيراد قوله هذا هناك.
(٣) قال التفتازاني في شرح المقاصد: من يختاره الناس يكون خليفة الله ورسوله: ٥/ ٢٥٣، ٢٥٦.
(٤) الألفين للحلي: ص ٥٧. الكافي للكليني: ١/ ٢٠٠ في حديث طويل. كمال الدين للشيخ الصدوق: ص ٦٧٥ - ٦٧٧ حديث رقم (٣١). طوالع الأنوار للبيضاوي: ص ٢٣٨. الأربعين للرازي: ٢/ ٢٦٩. والمواقف للإيجي: ٣/ ٥٩٢ عند الحديث عن أدلة الشِّيعة على النص على الإمام. شرح المقاصد للتفتازاني: ٥/ ٢٥٦.
(٥) تفسير القرطبي: ١/ ٢٧٢.
(٦) فَصَلَ أصحابُ موقع الخلافة على الإنترنت بين السيادة التي جعلوها للشرع وبين السلطان الذي جعلوه للخليفة نيابة عن الأمة. انظر موقع الخلافة على الإنترنت: www.khilafah.net/subdustur.php. الموسوعة الفقهية: ١٠/ ٣١١.
(٧) الأحكام السلطانية للماوردي: ص ٩.
1 / 65