The Muhammadan Message
الرسالة المحمدية
Mai Buga Littafi
دار ابن كثير
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٣ هـ
Inda aka buga
دمشق
Nau'ikan
سادتي! هذا اليوم هو اليوم الثاني لحفلتنا هذه. وليكن ما سلف في اليوم الأول على ذكر منكم. وخلاصة ما ذكرت أمس: أنّ ظلمات الأيام المقبلة لا تنجلي إلا بنور من مضى من طوائف المصلحين؛ الذين أحسنوا إلى الإنسانية أيّ إحسان، ولهم جميعا علينا الشكر الجميل، ونخصّ منهم الأنبياء، فإنّهم أسدوا إلى البشر من الجميل ما لم تسده طائفة من المصلحين، فيجب علينا أن نضاعف الشكر لهم، ونعترف بجميلهم، وإحسانهم؛ إذ أنّ كلّ واحد منهم قدّم لأمته من سيرته الطاهرة، وخلقه العظيم، وهديه العالي ما كانت به الأسوة الكاملة التي لا تتأتّى من غيره:
فمنهم من صبر على الرزايا، والنوائب، والآلام أعظم صبر وأكمله، فكان أسوة للصّابرين في الضّراء والشّدة، ومن سيرة بعضهم خلق الإيثار، فكان إيثاره مثالا لأمته، ومنهم من اختار مرضاة الله مقدّما نفسه قربانا وأضحية، فكان المثل الأعلى لأمته في إيثار مرضاة الله حتّى على بقاء مهجته، وحفظ حياته.
لقد ظهر للناس في سيرة الذين حملوا رسالات الله عند تبليغهم عقيدة التوحيد الإلهي ما كان موضع العجب من العزيمة، والحميّة، والتسليم لأمر الله، والعفّة عن المنهيّات، والزهد في زهرة الحياة الدّنيا، وما كان ولا يزال مثلا أعلى في هذه الفضائل العظمى، ومنارا للسائرين في ظلمات الحياة، وكم من ظلمة في الحياة قد ضلّ بها من ضلّ، ثم أتى على البشر زمان كان فيه بأشدّ الحاجة إلى الهادي الكامل يضيء له الطريق كلّه بقوله، وعمله، ويجلو الدّجى «١» - دجى العقائد، والأعمال، والأخلاق- بنور تعاليمه، وضوء سيرته، وجمال خلقه، وكمال نفسه، فتكون حياته نبراسا بأيدي الناس، فمن اقتبس منه في يمينه سار في ظلمات الحياة آمنا مطمئنا، لا يخاف الزلّة، ولا يخشى العثرة حتى يبلغ غايته، وإنّ ذلك
_________
(١) الدّجى: سواد الليل، وظلمته.
1 / 38