ولا شك أنَّ لهذه الإضطهادات الأثر البالغ في فقدان الإنجيل الأصلي، الذي أنزل على عيسى ﵇، وفي اضطراب الأناجيل القائمة حاليًا، لا سيما أنها ألفت ودونت في تلك الفترة، مما جعل بعض علمائهم يقرون لمناظريهم أنَّ تلك الاضطهادات كانت السبب في فقدان سندها المتصل بصاحب الشريعة١.
بل الراجح أنّ هذه الأناجيل لا صلة لها البتة بالوحي الذي أنزله الله على عيسى ﵇.
لذلك فإن النصرانية قد أصبحت بسبب تحريف الغالين، وتأويل الجاهلين ووثنية المتنصرين ركامًا دفنت تحته تعاليم المسيح ﵇، واختفى نور التوحيد وإخلاص العبادة لرب العالمين، وراء هذه السحب الكثيفة.
وقد أصيبت النصرانية بما أصيبت به في وقت مبكر من حياتها، واستمرّ الحال على ذلك حتى "جاء القرن السادس المسيحي، والحرب قائمة على قدم وساق، بين نصارى الشام والعراق، وبين نصارى مصر، حول حقيقة المسيح وطبيعته، تحولت المدارس والكنائس والبيوت ومعسكرات متنافسة، يكفر بعضها بعضًا، ويقتل بعضها بعضًا، كأنها
١ انظر إظهار الحق لرحمة الله الهندي ص: ٨٣، والفارق بين المخلوق والخالق لعبد الرحمن بك باجة جي زاده ص: ٩ وما بعدها.