The Major Issues

Malek Bennabi d. 1393 AH
98

The Major Issues

القضايا الكبرى

Mai Buga Littafi

دار الفكر المعاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق

Lambar Fassara

١٤٢٠هـ ٢٠٠٠م / ط ١

Inda aka buga

سورية

Nau'ikan

فنحن نشاهد هنا، ضمن مثال ملموس، كيف لا يكتفي النشاط الفردي في الساعات الخطرة من التاريخ بمجرد المضاعفة من حِدَّتِه فحسب، ولكنه ينخرط (طوعيًّا) كذلك في النشاط المشترك لأُمة كاملة يُنْهِضُها الحكماس في قَوْمةٍ واحدة عقب أخطر هزيمة لها في تاريخها (١). كما أن (المفهوميَّة الألمانية) هي التي أحدثت هذا الحكماس، وقادت الشعب الألماني إلى حظائر الشغل كما يقود النشيد الوطني الفيالق إلى ميادين القتال. لأن (المفهومية) يجب أن تكون أولًا وبالذات: النشيد الذي يقود عمل الشعب بأسره، فهي الصوت الحادي الذي يضبط إيقاع مجهود الأمة، وهي تنادي الجماعة بِـ: (هَبَّا ارْفَعْ!) لكي تتضافر على إنهاض مصيرها إلى أعلى (٢). فالعمل المشترك يستدعي إيقاعًا ووزنًا يُوَتِّران الجهود الفردية، ويُفْرِغانِها في الوقت نفسه داخل الجهد الجماعي. وتقدم لنا أغاني المجذِّفين السود على أنهار إفريقيا، تلك التي تواكب مجاذيفهم في ارتفاعها وانخفاضها لدفع الزَّوارق بمزيد من السرعة، أبسطَ صورة

(١) هذه ليست المرة الأولى التي تجد فيها ألمانيا في ذاتها جوهر العوامل الملائمة لنهوض سريع. في فترة أخرى من تاريخها عرفت كيف تصل إلى نهاية التجربة حين بدا أن الأرض قد مادت من تحتها، فالتاريخ حفظ ذلك الخطاب السامي لفريدريك جيوم الثاني: «ينبغي على الدولة البروسية أن تعوض بطاقتها الروحية قوتها المادية التي فقدتها». [ط. ف]. (٢) يمكن أن نقارب بين المفهومية (L'ideologie) عند بن نبي، والتوافق (Concord) عند شيشرون. فالكاتبان استوحيا الاستعارة ذاتها. إنها الغناء، النغم. فشيشرون في معالجته لموضوع (الجمهورية) في (الكتاب الثاني الفصل العاشر السطر ١١) كتب يقول: «ما يسمى في الأغنية نغمًا يسمى توافقًا في المدينة. لا يوجد في الجمهورية صلة أكثر قربًا ولا ضمانٌ أكثز تأكيدًا للسلام كالتوافق». وفي سرده لكيفية ولادة المدينة الرومانية، أوضح المؤثرات الناشئة عن سيف روميلوس ديانة نوما Numa في ولادة المدينة حيث قال: «من كثرة تائهة ومبعثرة ... برزت مدينة».

1 / 106