The Major Issues
القضايا الكبرى
Mai Buga Littafi
دار الفكر المعاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق
Lambar Fassara
١٤٢٠هـ ٢٠٠٠م / ط ١
Inda aka buga
سورية
Nau'ikan
ومن جهة أخرى فإن التجارة نفسها سيعرض لها مثلُ هذا التحوُّل؛ بل لقد عرض لها ذلك بالفعل، حيث لم تعد (باريس) و(لندن) توفدان أيًّا كان من (السَّماسِرَة) الأغنياء بالأقوال المنمَّقة المعسولة لتقديم بضائعهما في البلدان (الأفريقاسيويَّة)، ولكنهما أصبحتا توفدان أشخاصًا موهوبين بحس تجاريٍّ حادٍّ ولا ريب، كما أنهم مزوَّدون برصيد وازنٍ من الأفكار كذلك. وضمن هذا الاتجاه تُعَدُّ زيارة الدكتور شاخت (Dr. Schacht) إلى الجزائر العاصمة منذ بضعة أشهر، علامة من علامات الأزمنة.
وإذن فإن الجزائر تجابه اليوم: مشكلة الأفكار على مستوى النشاط المشترك لجماعة وطنية في مرحلة معينة من تاريخها.
فقد توصل الشعبُ الجزائري إلى الاستقلال من خلال ثورة كَهْرَبَتْ جهدَه البطولي طوال سبع سنوات، التحمت خلالها جميعُ (النشاطات الفردية) دونما تحفُّظ ضمن الانطلاقة الثورية.
وقد كانت الأشياءُ مكتفيةً بنفسها على نحو من الأنحاء، بقدر ما كانت تلك (الانطلاقة) توفِّر للنشاطات الفردية بواعثَها المعلِّلَة (من حيث كانت تفرض على العموم- وعلاوة على ذلك- ضروبًا من السلوك البسيطة بما فيه الكفاية) كما توفر في ذات الوقت الباعثَ المعلِّل لنشاط مشترك مسلح، قائم على محورِ هدفٍ بسيط، مُفرَدٍ ومُحَدَّدٍ هو: الاستقلال.
ولقد تمَّ اليوم بلوغ ذلك الهدف. وفي الحدِّ الذي فَقَدَ فيه (النشاط المشترك) على نحو من الأنحاء باعثَه المعلِّل المعتاد، حدث عندئذ ما يشبه الانحسار في النشاط الفرديِّ الذي انسحب من النشاط المشترك، مِمَّا نتج عنه ظهور النزعات الفردية كَرَّةً أخرى في نفس الحدود التي لم يَعِ فيها الشعبُ الجزائري بعدُ البواعثَ المعلِّلة لنشاطه المشترك الجديد.
1 / 102