The Linguistic Interpretation of the Holy Quran
التفسير اللغوي للقرآن الكريم
Mai Buga Littafi
دار ابن الجوزي
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٣٢هـ
Nau'ikan
للصَّحابةِ منْ ألفاظِ القرآنِ إلاَّ ما احتاجوا إليه، وهو قليلٌ (١)، ومنْ ذلك: تفسيرُه معنى الوسطِ في قولِه تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: ١٤٣] قال: «والوسطُ: العدلُ» (٢).
ومنه تفسيرُه الخيطَ الأبيضَ والأسودَ في قولِه تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة: ١٨٧] عندما أشكلَ على عَدِيِ بنِ حاتمٍ، ففسَّرَه له ﷺ بأنَّه بياضُ النَّهارِ وسوادُ اللَّيلِ (٣).
وهذا يعني أنَّ الصَّحابةَ ﵃ كانوا يتأوَّلُونَ القرآنَ على ما يفهمُونَه من لغتِهم؛ لوضوحِ ذلك عندهم، فإذا أشكلَ عليهم منه شيءٌ سألوا رسولَ اللهِ ﷺ؛ كما حَدَثَ مِنْ عَدِيِ بنِ حاتمٍ. ومما يُعَزِّزُ وُرُودَ الاجتهادِ عنهمْ:
١ - حديثُ ابنِ مسعودٍ (ت:٣٥)، قال: «لما نزلت: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾ [الأنعام: ٨٢] قلنا: يا رسولَ اللهِ، وأيُّنا لم يظلمْ نفسَه؟
قال: ليسَ كما تقولونَ. لم يلبِسُوا إيمانَهم بظلمٍ: بشركٍ. ألم تسمعوا إلى قولِ لقمانَ لابنِه: ﴿يَابُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ [لقمان: ١٣]» (٤).
إنَّ هذا الحديثَ يَدُلُّ على أن الصَّحابةَ ﵃ كانوا يجتهدونَ في فَهمِ القرآنِ
= أو يكذِّبه». في هذا الأثر تجد أن ابن عباس قد فسَّر الآية بقولٍ نبوي، لكن هذا القول من النبي ﷺ لم يصدر عنه على أنه تفسير للآية، وإنما كان حَمْلهُ على الآية اجتهاد من ابن عباس، وكان مُعتَمَدُهُ في ذلك السنة النبوية، كما ترى. ويمكن أن يقال في مثل هذه الحالة أن هذا من التفسير بالسنة. والله أعلم.
(١) لاستقراء ذلك رجعت إلى كتاب التفسير من: صحيح البخاري، وسنن الترمذي، وسنن النسائي الكبرى، ومستدرك الحاكم، وجامع الأصول.
(٢) أخرجه البخاري، انظر: فتح الباري، ط: الريان (٨:٢١).
(٣) أخرجه البخاري، انظر: فتح الباري، ط: الريان (٨:٣١).
(٤) أخرجه البخاري، انظر: فتح الباري، ط: الريان (٦:٤٤٨). وقد أخرجه البخاري في مواضع أُخر من صحيحه.
فائدة: كان هذا الاستشكال بمكة قبل الهجرة؛ لأن سورة الأنعام مكية، وقد نزلت قبل سورة لقمان، بدلالة هذا الأثر.
1 / 65