The Fifth Pillar
الركن الخامس
Mai Buga Littafi
دار اقرأ للطباعة والنشر والتوزيع
Inda aka buga
دمشق- سوريا
Nau'ikan
وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ﴾ [البقرة: ١٩٨] (١) ".
"وما دام الحج فريضة باقية إلى يوم القيامة، وركنًا خالدًا خلود هذه الأمة، فالمسلمون لا تبتلعهم القوميّات كما ابتلعت غيرهم من أمم كثيرة، ولا يصبحون ضحيتها، ولا تكون بلادُهم التي يحبونها بالفطرة والعاطفة، والعصبية قبلة يتوجهون إليها، وكعبة يحجون إليها، إنما هي قبلة واحدة يتوجه إليها الشرقيُّ والغربيّ والعربي والعجمي" (٢).
إنَّ هذه المعاني الحضارية الراقية يعيشها المسلمون كل عام في مواسم الحج المتكررة، يصطبغ بها كل مسلمي الأرض من أفارقةٍ وغربيين وآسيويين، بسحناتهم السوداء والبيضاء والصفراء، وتعدد الأقطار وتباعد البلدان، فينغمسون في هذا اللقاء الحاشد بالوحدة الإسلامية التي طالما تاقت لها قلوبهم، ومُنعوا منها في واقعهم لكنها هنا، في بيت الله الحرام حقيقةٌ ماثلةٌ للعِيان، يكرسونها في عملٍ مشترك يؤدونه في زمانه ومكانه وأهدافه وكأنَّ الجميع رجلٌ واحدٌ وقلبٌ واحد، يتروَّضون بهذا على أن يتميزوا بالوحدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على خلفية الوحدة الدينية في عمل مشترك تنال به أُمتنا من جديد سدّة الريادة في عالمٍ فاضت فيه المظالم على كل البشر يوم تراجع المسلمون عن واجبهم الحضاري واجب الأمانة التي حمَّلها الرسول ﵇ للأجيال المعاصرة واللاحقة من أُمّته في خطبة الوداع.
وحدة العقيدة، ووحدة المناسك، ووحدة القبلة، في اصطباغ كامل بوحدة العبودية لله ربِّ العالمين تقدم لنا مشهدًا إنسانيًا لا تضعه إلّا ريشةُ الخالق العظيم جلَّ
_________
(١) اُنظر "الكعبة مركز العالم" للدكتور سعد المرصفي: ص ٢٣٨ - ٢٣٩.
(٢) اُنظر نفس المرجعص ٢٤٣ ـ.
1 / 35