The Farewell of the Prophet ﷺ to His Nation
وداع الرسول ﷺ لأمته
Mai Buga Littafi
مطبعة سفير
Inda aka buga
الرياض
Nau'ikan
سلسلة مؤلفات سعيد بن وهف القحطاني
٩٥
وداع الرسول ﷺ لأمته
دروس، ووصايا، وعبرٌ، وعظات
تأليف الفقير إلى اللَّه تعالى
سعيد بن علي بن وهف القحطاني
Shafi da ba'a sani ba
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد للَّه، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى اللَّه عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا كثيرًا. أما بعد:
فهذه رسالة مختصرة في "وداع النبي الكريم، والرسول العظيم ﷺ لأمته"، بينت فيه باختصار: خلاصة نسب النبي ﷺ، وولادته، ووظيفته، واجتهاده، وجهاده، وخير أعماله، ووداعه لأمته في عرفات، ومنى، والمدينة، ووداعه للأحياء والأموات، ووصاياه في تلك المواضع، ثم بداية مرضه، واشتداده، ووصاياه لأمته، ووداعه لهم عند احتضاره، واختياره الرفيق الأعلى، وأنه مات شهيدًا، ومصيبة المسلمين بموته، وميراثه، ثم حقوقه على أمته، وذكرت الدروس، والفوائد، والعبر، والعظات المستنبطة في آخر كل مبحث من هذه المباحث.
واللَّه أسأل أن يجعله عملًا مقبولًا نافعًا لي، ولإخواني المسلمين؛ فإنه وليُّ ذلك، والقادر عليه، وأن يعلّمنا جميعًا ما ينفعنا، ويوفّق
1 / 3
جميع المسلمين إلى الاهتداء بهدي سيد المرسلين. وصلى اللَّه وسلّم، وبارك على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه؛ نبيِّنا، وإمامنا، وقدوتنا، وحبيبنا محمد بن عبد اللَّه، وعلى آله وأصحابه، وسلّم تسليمًا كثيرًا.
المؤلف
حرر في ليلة الخميس ٢١/ ٣/١٤١٦هـ
1 / 4
المبحث الأول: خلاصة نسبه ووظيفته ﷺ -
هو محمد بن عبد اللَّه، بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد
مناف، بن قصي، بن كِلاَب، بن مرة، بن كعب، بن لؤي، بن
غالب، بن فِهْر، بن مالك، بن النضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن إلياس، بن مُضر، بن نزار، بن معدّ، بن عدنان (١)، فهو ﵊ من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام (٢).
ولد ﷺ عام الفيل بمكة في شهر ربيع الأول (٣) يوم الإثنين (٤)
الموافق ٥٧١م (٥)، وتوفي ﷺ وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها:
_________
(١) البخاري مع الفتح،، كتاب مناقب الأنصار، باب مبعث النبي ﷺ، ٧/ ١٦٢، قبل الحديث رقم ٣٨٥١.
(٢) انظر نسب النبي ﷺ إلى آدم: البداية والنهاية لابن كثير، ٢/ ١٩٥، وسيرة ابن هشام، ١/ ١.
(٣) هذا هو الصحيح المشهور أنه ولد ﷺ عام الفيل في شهر ربيع الأول، وقد نقل بعضهم الإجماع على ذلك، انظر: تهذيب السيرة للإمام النووي، ص ٢٠.
(٤) التحديد بيوم الإثنين ثابت؛ لقوله ﷺ حينما سئل عن صومه: «فيه ولدت وفيه أُنزِل عليَّ»، مسلم، ٢/ ٨٢٠، برقم ١١٦٢، أما تحديد تاريخ اليوم، ففيه عدة أقوال: فقيل في اليوم الثاني، وقيل لثمانٍ، وقيل لعشر، وقيل: لسبعة عشر، وقيل في الثاني عشر، وقيل غير ذلك، وأشهر وأقرب الأقوال قولان: الأول: أنه ولد لثمانٍ مضين من ربيع الأول، ورجحه ابن عبد البر عن أصحاب التاريخ. انظر: البداية والنهاية، ٢/ ٢٦٠، وقال: <وهذا هو المشهور عند الجمهور"، ٢/ ٢٦٠، وجزم به ابن إسحاق. انظر: سيرة ابن هشام، ١/ ١٧١.
(٥) انظر: الرحيق المختوم، ص ٥٣.
1 / 5
أربعون قبل النبوة، وثلاثة وعشرون نبيًّا رسولًا، نُبِّئَ بإقرأ، وأُرسل بالمدثر، وبلده مكة، وهاجر إلى المدينة، بعثه اللَّه بالنذارة عن الشرك، ويدعو إلى التوحيد، أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد، وبعد العشر عُرج به إلى السماء، وفرضت عليه الصلوات الخمس، وصلّى في مكة ثلاث سنين، وبعدها أُمِر بالهجرة إلى المدينة، فلما استقر بالمدينة (١) أُمِر ببقية شرائع الإسلام، مثل: الزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، والأذان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك، أخذ على هذا عشر سنين، وبعدها توفي ﷺ، ودينه باقٍ، وهذا دينه، لا خير إلا دلَّ أمته عليه، ولا شرَّ إلا حذَّرها منه، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين، لا نبي بعده، وقد بعثه اللَّه إلى الناس كافة، وافترض اللَّه طاعته على الجن والإنس، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار (٢).
وخلاصة القول: إن الدروس والفوائد والعبر والعظات في هذا المبحث كثيرة، منها:
_________
(١) وصل إلى المدينة ﷺ يوم الإثنين من شهر ربيع الأول، وحدده بعضهم باليوم الثاني عشر من ربيع الأول، انظر: فتح الباري، ٧/ ٢٢٤.
(٢) انظر: الأصول الثلاثة للشيخ محمد بن عبد الوهاب، ص٧٥، ٧٦.
1 / 6
١ - أن النبي ﷺ خيار من خيار من خيار، فهو أحسن الناس، وخيرهم نسبًا، وأرجح العالمين عقلًا، وأفضل الخلق منزلة في الدنيا والآخرة، وأرفع الناس ذكرًا، وأكثر الأنبياء أتباعًا يوم القيامة.
٢ - أن إقامة الاحتفالات بمولد النبي ﷺ كل عام في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول بدعة منكرة؛ لأن النبي ﷺ لم يفعل ذلك في حياته، ولم يفعله الصحابة من بعده ﵃، ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة، ومع ذلك؛ فإن تحديد ميلاد النبي باليوم الثاني عشر من ربيع الأول لم يُجْزَم به، وإنما فيه خلاف، وحتى ولو ثبت فالاحتفال به بدعة لما تقدم؛ ولقوله ﷺ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (١)، وفي رواية لمسلم: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد» (٢).
٣ - أن وظيفة النبي ﷺ هي الدعوة إلى التوحيد، وإنقاذ الناس من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، ومن ظلمات المعاصي والسيئات إلى نور الطاعات والأعمال الصالحات، ومن الجهل إلى المعرفة والعلم، فلا خير إلا دلَّ أمته عليه، ولا شر إلا حذَّرها منه ﷺ.
_________
(١) البخاري، برقم ٢٦٩٧، ومسلم، برقم ١٧١٨.
(٢) انظر: رسالة التحذير من البدع لسماحة شيخنا العلامة عبد العزيز بن عبد اللَّه ابن باز ﵀.
1 / 7
المبحث الثاني: جهاده واجتهاده وأخلاقه
١ - كان ﷺ أسوة وقدوة وإمامًا يُقتدى به؛ لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (١)؛ ولهذا كان ﷺ يصلي حتى تفطَّرت قدماه، وانتفخت وورمت، فقيل له: أتصنع هذا وقد غفر اللَّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا» (٢).
٢ - وكان يصلّي من الليل إحدى عشرة ركعة، وربما صلّى ثلاث عشرة ركعة (٣)، وكان يصلّي الرواتب اثنتي عشرة ركعة (٤)، وربما صلاّها عشر ركعات (٥)، وكان يصلّي الضحى أربع ركعات، ويزيد ما شاء اللَّه (٦)، وكان يطيل صلاة الليل، فربما صلّى فقرأ بما يقرب من خمسة أجزاء في الركعة الواحدة (٧)، فكان ورده من الصلاة كل يوم
_________
(١) سورة الأحزاب، الآية: ٢١.
(٢) البخاري، برقم ١١٣٠، ومسلم، برقم ٢٨١٩.
(٣) البخاري، برقم ١١٤٧، ومسلم، برقم ٧٣٧.
(٤) مسلم، برقم ٧٢٨.
(٥) مسلم، برقم ٧٢٩، والبخاري، برقم ١١٧٢.
(٦) مسلم، برقم ٧١٩.
(٧) مسلم، برقم ٧٧٢.
1 / 8
وليلة أكثر من أربعين ركعة، منها الفرائض سبع عشرة ركعة (١).
٣ - وكان يصوم غير رمضان ثلاثة أيام من كل شهر (٢)، ويتحرَّى صيام الإثنين والخميس (٣)، وكان يصوم شعبان إلا قليلًا، بل كان يصومه كله (٤)، ورغَّب في صيام ست من شوال (٥)، وكان ﷺ يصوم حتى يقال: لا يفطر، ويفطر حتى يقال: لا يصوم (٦)، وما استكمل شهرًا غير رمضان إلا ما كان منه في شعبان، وكان يصوم يوم عاشوراء (٧)، وروي عنه صوم تسع ذي الحجة (٨)، وكان يواصل الصيام اليومين والثلاثة، وينهى عن الوصال، وبيَّن أنه ﷺ ليس كأمته؛ فإنه يبيت عند ربه يُطعمه ويسقيه (٩)، وهذا على الصحيح: ما يجد من لذّة العبادة والأنس والراحة وقرة العين
بمناجاة اللَّه تعالى؛
_________
(١) كتاب الصلاة لابن القيم، ص ١٤٠.
(٢) مسلم، برقم ١١٦٠.
(٣) الترمذي، برقم ٧٤٥، والنسائي، ٤/ ٢٠٢، برقم ٢١٨٦، وغيرهما.
(٤) البخاري، رقم ١٩٦٩، و١٩٧٠، ومسلم، برقم ١١٥٦، و١١٥٧.
(٥) مسلم، برقم ١١٦٤.
(٦) البخاري برقم ١٩٧١، ومسلم، برقم ١١٥٦.
(٧) البخاري، برقم ٢٠٠٠ - ٢٠٠٧، ومسلم، برقم ١١٢٥.
(٨) النسائي، ٤/ ٢٠٥، برقم ٢٣٧٢، وأبو داود،، برقم ٢٤٣٧، وأحمد، ٦/ ٢٨٨، برقم ٢٢٣٣٤، وانظر: صحيح النسائي، برقم ٢٢٣٦.
(٩) البخاري، برقم ١٩٦١ - ١٩٦٤، ومسلم، برقم ١١٠٢ - ١١٠٣.
1 / 9
ولهذا قال: «يا بلال أرحنا بالصلاة» (١)، وقال: «وجُعِلَتْ قُرّة عيني في الصلاة» (٢).
٤ - وكان يُكثر الصدقة، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة حينما يلقاه جبريل ﵊ (٣)؛ فكان يعطي عطاء من لا يخشى الفاقة؛ ولهذا أعطى رجلًا غنمًا بين جبلين، فرجع الرجل إلى قومه وقال: يا قومي، أسلموا؛ فإن محمدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة (٤)، فكان ﷺ أكرم الناس، وأشجع الناس (٥)، وأرحم الناس، وأعظمهم تواضعًا، وعدلًا، وصبرًا، ورفقًا، وأناةً، وعفوًا، وحلمًا، وحياءً، وثباتًا على الحق.
٥ - وجاهد ﷺ في جميع ميادين الجهاد: جهاد النفس، وله أربع مراتب: جهادها على تعلّم أمور الدين، والعمل به، والدعوة إليه على بصيرة، والصبر على مشاقّ الدعوة، وجهاد الشيطان، وله مرتبتان: جهاده على دفع ما يلقي من الشبهات، ودفع ما يُلقي من الشهوات، وجهاد الكفار، وله أربع مراتب: بالقلب، واللسان،
_________
(١) أبو داود،، برقم ٨٥٤٩، وأحمد، ٥/ ٣٩٣، برقم ٢٣٠٨٨.
(٢) النسائي، ٧/ ٦١، برقم ٣٩٤٠، وأحمد، ٣/ ١٢٨، برقم ١٤٠٣٧، وانظر: صحيح النسائي، ٣/ ٨٢٧.
(٣) البخاري، برقم ٦، ومسلم، برقم ٢٣٠٨.
(٤) مسلم،٤/ ١٨٠٦، برقم ٢٣١٢.
(٥) البخاري مع الفتح، ١٠/ ٤٥٥، برقم ٦٠٣٣، ومسلم،٤/ ١٨٠٤، برقم ٢٣٠٧.
1 / 10
والمال، واليد، وجهاد أصحاب الظلم، وله ثلاث مراتب: باليد، ثم باللسان، ثم بالقلب. فهذه ثلاث عشرة مرتبة من الجهاد، وأكمل الناس فيها محمد ﷺ؛ لأنه كمّل مراتب الجهاد كلها، فكانت ساعاته موقوفة على الجهاد: بقلبه، ولسانه، ويده، وماله؛ ولهذا كان أرفع العالمين ذكرًا، وأعظمهم عند اللَّه قدرًا (١)، وقد دارت المعارك الحربية بينه وبين أعداء التوحيد، فكان عددَ غزواته التي قادها بنفسه سبع وعشرون غزوة، وقاتل في تسع منها، أما المعارك التي أرسل جيشها، ولم يقدها، فيقال لها سرايا، فقد بلغت ستًا وخمسين سرية (٢).
٦ - وكان ﷺ أحسن الناس معاملة، فإذا استسلف سلفًا قضى خيرًا منه؛ ولهذا جاء رجل إلى النبي ﷺ يتقاضاه بعيرًا، فأغلظ له في القول، فهم به أصحابه فقال النبي ﷺ: «دعوه، فإنّ لصاحب الحقّ مقالًا»، فقالوا: يا رسول اللَّه: لا نجد إلا سنًّا هو خير من سنّه فقال ﷺ: «أعطوه»، فقال الرجل: أوفيتني أوفاك اللَّه، فقال ﷺ: «إنّ خير عباد اللَّه أحسنهم قضاءً» (٣)، واشترى من جابر بن عبد اللَّه ﵁ بعيرًا، فلما جاء جابر بالبعير قال له ﷺ: «أتراني ماكستك»؟ قال: لا يا
_________
(١) زاد المعاد، ٣/ ٥، ١٠، ١٢.
(٢) انظر: شرح النووي، ١٢/ ٩٥، وفتح الباري، ٧/ ٢٧٩ - ٢٨١، و٨/ ١٥٣.
(٣) البخاري، برقم ٢٣٠٥، ومسلم، برقم ١٦٠٠.
1 / 11
رسول اللَّه، فقال: «خذ الجمل، والثمن» (١).
٧ - وكان ﷺ أحسن الناس خلقًا؛ لأن خلقه القرآن؛ لقول عائشة ﵂: «كان خلقه القرآن» (٢)؛ ولهذا قال ﷺ: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (٣).
٨ - وكان ﷺ أزهد الناس في الدنيا، فقد ثبت عنه ﷺ أنه اضطجع على الحصير فأثَّر في جنبه، فدخل عليه عمر بن الخطاب ﵁، ولما استيقظ جعل يمسح جنبه، فقال: يا رسول اللَّه لو اتخذت فراشًا أوثر من هذا؟ فقال ﷺ: «ما لي وللدنيا، ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فاستظلّ تحت شجرة ساعة من نهار، ثم راح وتركها» (٤)، وقال: «لو كان لي مثلُ أُحُدٍ ذهبًا ما يَسُرُّني أن لا يمرّ عليَّ ثلاثٌ، وعندي منه شيء، إلا شيءٌ أرصُدُهُ لدين» (٥).
وعن أبي هريرة ﵁ قال: «ما شبع آل محمد من طعام ثلاثة أيام
_________
(١) البخاري مع الفتح، ٣/ ٦٧، برقم ٢٠٩٧، ومسلم، ٣/ ١٢٢١، برقم ٧١٥.
(٢) مسلم، ١/ ٥١٣، برقم ٧٤٦.
(٣) البيهقي بلفظه، ١٠/ ١٩٢، وأحمد، ٢/ ٣٨١، برقم ٨٩٥٢، وانظر: الصحيحة للألباني، برقم ٤٥.
(٤) الترمذي، برقم ٢٣٧٧، وغيره، وانظر: الأحاديث الصحيحة، برقم ٤٣٩، وصحيح الترمذي، ٢/ ٢٨٠.
(٥) البخاري، برقم ٢٣٨٩، ومسلم، برقم ٩٩١.
1 / 12
حتى قُبض» (١)، والمقصود أنهم لم يشبعوا ثلاثة أيام بلياليها متوالية، والظاهر أن سبب عدم شبعهم غالبًا كان بسبب قلّة الشيء عندهم، على أنهم قد يجدون ولكن يؤثرون على أنفسهم (٢)؛ ولهذا قالت عائشة ﵂: «خرج النبي ﷺ من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير» (٣)، وقالت: «ما أكل آل محمد ﷺ أُكلتين في يوم إلا إحداهما تمر» (٤)، وقالت: «إنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين، وما أُوقدت في أبيات رسول اللَّه ﷺ نار، فقال عروة: ما كان يقيتكم؟ قالت: الأسودان: التمر، والماء» (٥)، والمقصود بالهلال الثالث: وهو يُرى عند انقضاء الشهرين.
وعن عائشة ﵂ قالت: «كان فراشُ رسول اللَّه ﷺ من أدَم، وحشوُهُ ليفٌ» (٦)، ومع هذا كان يقول ﷺ: «اللَّهم اجعل رِزْقَ آل محمدٍ قوتًا» (٧).
_________
(١) البخاري مع الفتح، ٩/ ٥١٧ و٥٤٩، برقم ٥٣٧٤، و٥٤١٦.
(٢) انظر: فتح الباري، ٩/ ٥١٧، و٥٤٩، برقم ٥٣٧٤، ومن حديث عائشة ﵂، برقم ٥٤١٦.
(٣) البخاري مع الفتح، ٩/ ٥٤٩، برقم ٥٤١٤.
(٤) البخاري مع الفتح، ١١/ ٢٨٣، برقم ٦٤٥٥.
(٥) البخاري مع الفتح، ١١/ ٢٨٣، برقم ٦٤٥٩.
(٦) البخاري، برقم ٦٤٥٦.
(٧) البخاري، برقم ٦٤٦٠، ومسلم، برقم ١٠٥٥، والقوت: هو ما يقوت البدن من غير إسراف، وهو معنى الرواية الأخرى عند مسلم (كفافًا)، ويكف عن الحاجة، وقال أهل اللغة: القوت: هو ما يمسك الرمق، وفي الكفاف سلامة من آفات الغنى والفقر جميعًا، واللَّه أعلم، الفتح، ١١/ ٢٩٣، وشرح النووي، ٧/ ١٥٢، والأبي، ٣/ ٥٣٧.
1 / 13
٩ - وكان ﷺ أورع الناس؛ ولهذا قال: «إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي، أو في بيتي، فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون من الصدقة، فألقيها» (١)، وأخذ الحسن بن علي تمرةً من تمر الصدقة، فجعلها في فيه، فقال رسول اللَّه ﷺ: «كَخْ، ِكَخْ، ارمِ بها، أما علمت أنَّا لا نأكل الصدقة»؟ (٢).
١٠ - ومع هذه الأعمال المباركة العظيمة، فقد كان ﷺ يقول: «خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإن اللَّه لا يملُّ حتى تملُّوا، وأحبّ العمل إلى اللَّه ما داوم عليه صاحبه، وإن قلَّ»، وكان آلُ محمد ﷺ إذا عَمِلُوا عملًا أثبتوه (٣)، «وكان ﷺ إذا صلى صلاة داوم عليها» (٤)، وقد تقالَّ عبادةَ النبيِّ ﷺ نفرٌ من أصحابه ﷺ، وقالوا: وأين نحن من النبي ﷺ؟ وقد غفر اللَّه له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال بعضهم: أمَّا أنا، فأنا أصلّي الليل أبدًا، وقال بعضهم: أنا أصوم ولا أفطر، وقال بعضهم: أنا أعتزل النساء، فلا أتزوج أبدًا، [وقال بعضهم: لا
_________
(١) البخاري، برقم ٢٤٣٢، ومسلم، ٢/ ٧٥١، برقم ١٠٧٠.
(٢) مسلم، ٢/ ٧٥١، برقم ١٠٦٩.
(٣) البخاري مع الفتح، ٤/ ٢١٣، برقم ١٩٧٠، ١١/ ٢٩٤، ومسلم، ١/ ٥٤١، برقم ٧٨٢، و٢/ ٨١١.
(٤) البخاري مع الفتح، ٤/ ٢١٣، وانظر: صحيح البخاري، حديث رقم ٦٤٦١ - ٦٤٦٧.
1 / 14
آكل اللحم]، فبلغ ذلك النبي ﷺ، فجاء إليهم فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما واللَّه إني لأخشاكم للَّه، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» (١)، والمراد بالسنة الهدي والطريقة؛ لا التي تقابل الفرض، والرغبة عن الشيء الإعراض عنه إلى غيره، ومع هذه الأعمال الجليلة، فقد كان يقول ﵊: «سدِّدوا وقاربوا، واعلموا أنه لن ينجو أحدٌ منكم بعمله» قالوا: ولا أنت يا رسول اللَّه؟ قال: «ولا أنا، إلاَّ أن يتغمَّدنيَ اللَّهُ برحمةٍ منه وفضلٍ»، وفي رواية: «سدِّدوا وقاربوا، واغدوا، وروحوا، وشيءٌ من الدُّلجة، والقَصْدَ القَصْدَ تبلغوا» (٢)، وكان يقول: «يا مقلّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك» (٣)، ويقول: «اللَّهم مصرِّف القلوب صرِّف قلوبنا على طاعتك» (٤).
وخلاصة القول: أن الدروس والفوائد والعبر والعظات في هذا المبحث كثيرة منها:
١ - أن النبي ﷺ قدوة كل مسلم صادق مع اللَّه تعالى في كل
_________
(١) البخاري مع الفتح، ٩/ ١٠٤، برقم ٥٠٦٣ ومسلم، ٢/ ١٠٢٠، برقم ١٤٠١، وما بين المعقوفين من رواية مسلم.
(٢) البخاري، برقم ٦٤٦٣، ٦٤٦٤، ومسلم، ٤/ ٢١٧٠.
(٣) الترمذي، ٥/ ٢٣٨، برقم ٢١٤٠، وغيره، وانظر: صحيح الترمذي، ٣/ ١٧١.
(٤) مسلم، ٤/ ٢٠٤٥، برقم ٢٦٥٤.
1 / 15
الأمور؛ لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ (١).
٢ - أن النبي ﷺ أحسن الناس خَلْقًا، وخُلُقًا، وألينهم كفًّا، وأطيبهم ريحًا، وأكملهم عقلًا، وأحسنهم عشرة، وأعلمهم باللَّه، وأشدهم له خشية (٢)، وأشجع الناس، وأكرم الناس، وأحسنهم قضاء، وأسمحهم معاملة، وأكثرهم اجتهادًا في طاعة ربه، وأصبرهم وأقواهم تحمّلًا، وأشدّهم حياءً، ولا ينتقم لنفسه، ولا يغضب لها، ولكنه إذا انتُهِكت حرمات اللَّه، فإنه ينتقم للَّه تعالى، وإذا غضب للَّه لم يقم لغضبه أحد، والقوي، والضعيف، والقريب، والبعيد، والشريف، وغيره عنده في الحق سواء، وما عاب طعامًا قطُّ إن اشتهاه أكله، وإن لم يشتهه تركه، ويأكل من الطعام المباح ما تيسَّر، ولا يتكلَّف في ذلك، ويقبل الهدية، ويكافئ عليها، ويخصف نعليه، ويرقّع ثوبه، ويخدم في مهنة أهله، ويحلِبُ شاته، ويخدِمُ نفسه، وكان أشدَّ الناس تواضعًا، ويجيب الداعي: من غني أو فقير، أو دنيء أو شريف، وكان يحب المساكين، ويشهد جنائزهم، ويعود مرضاهم، ولا
يحقر
_________
(١) سورة الأحزاب، الآية: ٢١.
(٢) ولهذا قال عبد اللَّه بن الشَّخِّير: أتيت رسول اللَّه ﷺ وهو يصلي ولجوفه أزيزٌ كأزيز المِرجل من البكاء، أبو داود،، برقم ٩٠٤، وصححه الألباني في مختصر الشمائل، برقم ٢٧٦، ومعنى: أزير المرجل: أي غليان القدر.
1 / 16
فقير لفقره، ولا يهاب مَلكًا لملكه، وكان يركب الفرس، والبعير، والحمار، والبغلة، ويُردف خلفه، ولا يدع أحدًا يمشي خلفه (١)، وخاتمه فضة، وفصه منه، يلبسه في خنصره الأيمن، وربما يلبسه في الأيسر، وكان يعصب على بطنه الحجر من الجوع، وقد آتاه اللَّه مفاتيح خزائن الأرض، ولكنه اختار الآخرة، وكان يُكثر الذكر، دائم الفكر، ويُقلّ اللغو، ويُطيل الصلاة، ويُقصر الخطبة، ويُحبّ الطيب، ولا يردّه، ويكره الروائح الكريهة، وكان أكثر الناس تبسمًا، وضحك في أوقات حتى بدت نواجذه (٢)، ويمزح ولا يقول إلا حقًّا، ولا يجفو أحدًا، ويقبل عذر المعتذر إليه، وكان يأكل بأصابعه الثلاث ويلعقهن، ويتنفس في الشرب ثلاثًا خارج الإناء، ويتكلّم بجوامع الكلم، وإذا تكلّم تكلَّم بكلام بيِّنٍ فَصْلٍ، يحفظه من جلس إليه، ويعيد الكلمة ثلاثًا إذا لم تفهم حتى تُفهم عنه، ولا يتكلم من غير حاجة، وقد جمع اللَّه له مكارم الأخلاق، ومحاسن الأفعال، فكانت معاتبته تعريضًا، وكان يأمر بالرفق، ويحثّ عليه، وينهى عن العنف، ويحثّ على العفو والصّفح، والحلم، والأناة، وحسن الخلق، ومكارم الأخلاق، وكان يحب
_________
(١) أحمد ٣/ ٣٩٨، وابن ماجه، برقم ٢٤٦، والحاكم، ٤/ ٤٨١، وابن حبان (موارد)، ٢٠٩٩، وانظر: الأحاديث الصحيحة، برقم ١٥٥٧.
(٢) النواجذ: الأنياب، وقيل: [هي الضواحك، وهي التي تبدو عند الضحك] النهاية، ٥/ ٢٠ ..
1 / 17
التيمّن في طهوره، وتنعُّله، وترجُّله، وفي شأنه كله، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى، وإذا اضطجع اضطجع على جنبه الأيمن، ووضع كفه اليمنى تحته خده الأيمن، وإذا عرَّس (١) قُبيل الصبح نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه، وكان مجلسه: مجلس علم، وحلم، وحياء، وأمانة، وصيانة، وصبر، وسكينة، ولا ترفع فيه الأصوات، ولا تنتهك فيه الحرمات، يتفاضلون في مجلسه بالتقوى، ويتواضعون، ويُوقِّرون الكبار، ويرحَمُون الصغار، ويُؤثرون المحتاج، ويخرجون دعاة إلى الخير، وكان يجلس على الأرض، ويأكل على الأرض، وكان يمشي مع الأرملة والمسكين، والعبد، حتى يقضي له حاجته. ومر على الصبيان يلعبون، فسلَّم عليهم، وكان لا يصافح النساء غير المحارم، وكان يتألّف أصحابه، ويتفقدهم، ويُكرم كريم كلّ قومٍ، ويُقبل بوجهه وحديثه على من يُحدثه، حتى على أشرِّ القوم يتألّفهم بذلك، ولم يكن فاحشًا، ولا متفحشًا، ولا صخَّابًا (٢)، ولا يجزي بالسيئة
السيئة؛ بل يعفو، ويصفح، ويحلم، ولم يضرب خادمًا، ولا امرأة، ولا شيئًا قط، إلا أن يجاهد
_________
(١) التعريس: نزول المسافر آخر الليل نزلةً للنوم والاستراحة. انظر: النهاية في غريب الحديث، ٣/ ٢٠٦.
(٢) الصّخَّاب: الصخب والسخب: الضجة، واضطراب الأصوات للخصام، فهو ﷺ لم يكن صخَّابًا في الأسواق، ولا في غيرها. النهاية، ٣/ ١٤.
1 / 18
في سبيل اللَّه تعالى، وما خُيِّر بين شيئين إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا، كان أبعد الناس عنه.
وقد جمع اللَّه له كمال الأخلاق، ومحاسن الشيم، وآتاه من العلم والفضل، وما فيه النجاة، والفوز، والسعادة في الدنيا والآخرة، ما لم يُؤتِ أحدًا من العالمين، وهو أمّيٌّ لا يقرأ، ولا يكتب، ولا معلِّمَ له من البشر، واختاره اللَّه على جميع الأولين والآخرين، وجعل دينه للجن والناس أجمعين إلى يوم الدين، فصلوات اللَّه، وسلامه عليه، صلاةً وسلامًا دائمين إلى يوم الدين؛ فإن خلقه كان القرآن.
فينبغي الاقتداء به ﷺ، والتأسّي به في جميع أعماله، وأقواله، وجدِّه واجتهاده، وجهاده، وزهده، وورعه، وصدقه وإخلاصه، إلا في ما كان خاصًّا به، أو ما لا يُقدر على فعله؛ لقوله ﷺ: «خذوا من الأعمال ما تطيقون، فإنّ اللَّه لا يملّ حتى تملّوا (١» (٢)؛ ولقوله ﷺ: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم» (٣).
_________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: تهذيب السيرة النبوية للإمام النووي، ص ٥٦، ومختصر السيرة النبوية للحافظ عبد الغني المقدسي، ص ٧٧، وحقوق المصطفى للقاضي عياض، ١/ ٧٧ - ٢١٥، ومختصر الشمائل المحمدية للترمذي، ص ١١٢ - ١٨٨.
(٣) البخاري، برقم ٧٢٨٨، ومسلم، برقم ٢٦١٩.
1 / 19
المبحث الثالث: خير أعماله خواتمها
كان ﷺ إذا عمل عملًا أثبته، وداوم عليه؛ ولهذا قال: «إن أحب الأعمال إلى اللَّه تعالى ما داوم عليه صاحبه، وإن قلّ» (١)، وعن أبي هريرة ﵁ قال: «كان النبي ﷺ يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يومًا، وكان يُعرض عليه القرآن في كل عام مرة، فلما كان العام الذي قُبض فيه عرض القرآن مرتين» (٢).
وعن عائشة ﵂ قالت: كان رسول اللَّه ﷺ يكثر أن يقول قبل أن يموت: «سبحانك اللَّهم وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك»، قالت: قلت: يا رسول اللَّه، ما هذه الكلمات التي أراك أحدثتها تقولها؟ قال: «جُعِلت لي علامةٌ في أمتي إذا رأيتها قلتها: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ (٣)، وقد قال ابن عباس ﵄ لعمر عن هذه: ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ إنها: أجل رسول اللَّه ﷺ أعلمه إياه، فقال: ما أعلم منها إلا ما تعلم» (٤)، وقيل: نزلت ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ يوم
_________
(١) البخاري، برقم ٤٣، ورقم ١١٥١، ومسلم، ١/ ٥٤٠، و٢/ ٨١١، برقم ٧٨٢، واللفظ له.
(٢) البخاري مع الفتح، ٩/ ٤٣، و٤/ ٢١٣، برقم ٢٠٤٤، و٤٩٩٨.
(٣) مسلم، ١/ ٣٥١، برقم ٤٨٤.
(٤) البخاري مع الفتح، ٨/ ١٣٠، برقم ٣٦٢٧.
1 / 20
النحر، والنبي ﷺ في منى بحجة الوداع (١)، وقيل: نزلت أيام التشريق (٢)، وعند الطبراني أنها لما نزلت هذه السورة أخذ رسول اللَّه ﷺ أشدَّ ما كان اجتهادًا في أمر الآخرة (٣)؛ ولهذا قالت عائشة ﵂: كان رسول اللَّه ﷺ يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللَّهم ربنا وبحمدك، اللَّهم اغفر لي» يتأول القرآن (٤)، ومعنى ذلك أنه يفعل ما أمر به فيه، وهو قوله تعالى: ﴿فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾ (٥).
وخلاصة القول: إن الدروس والفوائد والعبر المستنبطة من هذا المبحث كثيرة، ومنها:
١ - الحث على المداومة على العمل الصالح، وأن قليلًا دائمًا خير من كثير منقطع؛ لأن بدوام العمل الصالح القليل تدوم الطاعة والذكر، والمراقبة، والنية، والإخلاص، والإقبال على الخالق، والقليل الدائم يثمر؛ لأنه يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا
كثيرة (٦).
_________
(١) انظر: البخاري مع الفتح، ٨/ ٧٣٤، برقم ٣٦٢٧، وقيل: عاش بعدها إحدى وثمانين يومًا. فتح ٨/ ٧٣٤.
(٢) انظر: المرجع السابق، ٨/ ١٣٠.
(٣) انظر: فتح الباري، ٨/ ١٣٠.
(٤) البخاري، برقم ٧٩٤، ومسلم، برقم ٤٨٤.
(٥) انظر: شرح النووي، ٤/ ٤٤٧.
(٦) انظر: فتح الباري ١/ ١٠٣، وشرح النووي ٦/ ٣١٨.
1 / 21