163

The Critique and Clarification in Dispelling the Illusions of Khuzayran

النقد والبيان في دفع أوهام خزيران

Mai Buga Littafi

مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م

Inda aka buga

فلسطين

Nau'ikan

على أنّ هؤلاء المبتدعين، فضلًا عن حرصهم على حفظ مكانتهم عند الرّعاع، قوم استأنسوا بظلام الجهل، وأخلدوا إلى المسكنة والذُّلّ، حتى طبع الله على قلوبهم، وعلى أبصارهم غشاوة، فهم يتأذّى بصرهم من نور العلم، ويعزّ عليهم الخروج من غيابة الجب إلى استنشاق الهواء الطلق في هذا الفضاء الواسع المترامي الأطراف، وهم -مع ذلك كلِّه- لا يخجلون من دعوى أنهم رجال الإصلاح والصَّلاح، وأن سعادة البشر لا تتم إلا باتِّباع مناهجهم وسُبُلِهم! ويعلم الله أنهم ليسوا إلا حشرات سامة، تحارب السَّعادة والبُلَهْنِيَّة (١)، وتمزِّق أشلاء الإنسانية بسُمِّها النَّاقع، وشرها المستطير، وأن محدثاتهم لا ضرَّ على الدين من طعنات ألدّ أعدائه، وأجلب للشرور إليه من أشد مناوئيه. أجل! فإنه لولا محدثاتهم المخزية التي شوَّهوا بها الدِّين، وتفهيمهم الدِّين للناس تفهيمًا مقلوبًا لما تجرَّأ أحدٌ على الطَّعن فيه، ولما خسر كل يوم عددًا من أبنائه غير قليل. وليس ما يرتكبه هؤلاء جهارًا، ليلًا ونهارًا، من ضروب الموبقات، ويجرأون عليه من مقاومة المصلحين جهلًا وعداونًا بضروب الوسائل، بخافٍ على أحد، وقد كنتُ إخال أن للعراق النَّصيبَ الأوفر، والحظَّ الأكبر، من هؤلاء المبتدعة، حتى إذا كتبتْ الرِّحلة لي في هذه الأيام إلى بلاد الشام، ووقفت عن كثب على أحوال قادتهم، واطّلعتُ على بعض ما لهم من المؤلفات في الدَّعوة إلى حشوهم، والتَّهويل على المصلحين؛ دهشتُ مما رأيت، وعجبتُ لانقياد العامَّة لهم وتألُّبهم على كل مَنْ يحضّونهم على مناهضته من رجال الإصلاح الدِّيني والعلمي، إنْ حقًا، وإنْ باطلًا، حتى كأنَّ الشاعر (٢) العربي قد قصدهم بقوله: لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النَّائبات على ما قال برهانا! ومن جملة الأمور التي وقفتُ عليها:

(١) الرَّخاء وسَعَة العيش. (٢) وهو من شعراء الحماسة.

1 / 163