The Concise Encyclopedia of Biographies of Leaders in Exegesis, Recitation, Grammar, and Language
الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة
Mai Buga Littafi
مجلة الحكمة
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
Inda aka buga
مانشستر - بريطانيا
Nau'ikan
سلسلة إصدارات الحكمة (١٥)
الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة
«من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»
جمع وإعداد
وليد بن أحمد الحسين الزبيري
إياد بن عبد اللطيف القيسي
مصطفى بن قحطان الحبيب
بشير بن جواد القيسي
عماد بن محمد البغدادي
Shafi da ba'a sani ba
حُقُوق الطَّبْع مَحْفُوظَة
الطبعة الأولى
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
تصدر هَذِه السلسلة عَن مجلة الْحِكْمَة الصادرة فِي بريطانيا
Al-Bukhary Islamic Center - ٢٠٦ Burton Road
Manchester M ٢٠ - ٢ LW England Tel / FAX: ٠٠٤٤ - ١٦١ - ٣٧٤٦٦٤٨
على الراغبين الْحُصُول على مجلة الْحِكْمَة أَو سلسلة إِصدارات الْحِكْمَة الِاتِّصَال على ممثل مجلتنا فِي الشرق الْأَوْسَط على العنوان التَّالِي:
السعودية - الْمَدِينَة المنورة - ص. ب: ٦٦٠٤ - فاكس: ٨٤٧٠٠٦٨ - ٠٤
هَاتِف جوال: ٥٣٣٢٢٤٠٨ - ٥٨١٦٠٤٣ - ٥ - ٠٠٩٦٦
E.mail: alhikma ٥٩@hotmail.com
مقدمة / 3
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة / 4
المقدِّمَة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد: نقدم إسهامنا الثاني في عالم الموسوعات بعد موسوعة الحافظ ابن حجر العسقلاني الحديثية التي طل نورها قبل سنتين تقريبًا لذا نثني بهذه الموسوعة الموسومة بـ "الموسوعة الميسَّرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم" وهو جمع موسوعي لمئات المجلدات عمدنا إليها لنستل تراجم هؤلاء وليسهل على القارئ الكريم تناولها والوصول إليها، وكان التركيز في عملنا الموسوعي هذا على العلماء من أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة. والمتتبع لتراجم هؤلاء الأعلام قديمًا أو حديثًا يتبين له الشتات المتفرق لتراجم هؤلاء إما على طريقة حروف المعجم لسنوات محدودة، وإما مرتبة على الطبقات يصعب الوصول إليها، وإما مختصرة بعيدة عن الاستيعاب، وإما أن تكون بعض المصادر نفدت طبعتها فتراها مفقودة في كثير من المكتبات. الخاصة أو العامة ناهيك عن كثرة هذه المصادر والمراجع لتراجم هؤلاء مما يصعب على الكثير اقتناؤها بكاملها سيما الخاصة من الباحثين فعامتهم لا يستطيع اقتناء مئات المجلدات لتراجم هؤلاء كما أن هناك نوادر من كتب هذه التراجم لا توجد في عامة المكتبات زيادة على ذلك أن هذه الموسوعة تضمنت دراسة عقدية لعقائد هؤلاء الأعلام وشيء من طرائفهم وجمع من الفوائد العامة منثورة في هذه التراجم، وبهذا يتبين القيمة العلمية لهذه الموسوعة.
فكرة إنشاء الموسوعة:
بداية هذه الفكرة خالجتني في ذهني وأنا أقوم في أعمالي العلمية عندما كنت أتصفح كتب التراجم فوقع نظري على كتاب الفيروزآبادي "البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة" وهو كتاب صغير الحجم قليل التراجم بحجم مائة وعشرين صفحة فقلت في نفسي إن مثل هذا العمل لا بد أن يكون موسوعيًا فاقتبست عنوان الكتاب وأضفت إليه أئمة التفسير والإقراء لأنهما قريبان من هذا التخصص -أعني تخصص النحو واللغة- فعقدت العزم على إخراج هذا العمل الموسوعي من القرن الأول إلى المعاصرين وحيث أن مثل هذا العمل لا يمكن أن
مقدمة / 5
أقوم به بمفردي فكونت فريق عمل في إعداد هذه الموسوعة وهم نفس فريق العمل الذين شاركوني في إخراج موسوعة الحافظ ابن حجر العسقلاني الحديثية -التي طبعت في ست مجلدات- وهم الشيخ إياد عبد اللطيف القيسي والشيخ مصطفى بن قحطان الحبيب والشيخ بشير بن جواد القيسي والشيخ عماد بن محمد البغدادي واستغرق العمل في هذه الموسوعة قريب من الخمس سنوات ولما رأيت أن مثل هذا العمل يأخذ طابع الموسوعية عمدت إلى تغيير العنوان من "البلغة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة" إلى "الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة من القرن الأول إلى المعاصرين" ثم رأيت أن أضيف لهذا العمل دراسة في غاية الأهمية تجلي لنا الجانب العقائدي لهؤلاء الأعلام فقمت بدراسة لعقائدهم فمن كان له نتاج تقصينا نتاجه لنتعرف على عقيدته أو تتبين لنا عقيدته في ثنايا ترجمته ومن لم يذكر عن عقيدته شيء فالأصل فيه السلامة لأن الأصل في المسلم سلامة العقيدة حتى يظهر لنا ما ينافي ذلك.
أهمية هذه الموسوعة:
إن المتتبع والمتقصي لترجمة لغوي أو نحوي أو مفسر تراه يتعب نفسه في أن يقلب كتب التراجم سواء ما كان منها مرتبًا على الطبقات، أو ما كان منها معتمدًا الفترة الزمنية، أو ما يسمى بالحوليات كتراجم أعيان القرن العاشر، أو ما كان معتمدًا على البلدان كتاريخ بغداد وتاريخ دمشق وتاريخ أصفهان وغيرها، أو ما كان معتمدًا الطبقات الزمنية كسير أعلام النبلاء للذهبي أو غير ذلك من كتب التراجم وهو كم هائل يصعب على الباحث تقصيه ليظفر ويتقص ترجمة النحوي أو اللغوي أو المفسر ولعل مثل موسوعتنا هذه التي شملت أربعة عشر قرنًا لتراجم هؤلاء الأعلام ولعل مثل هذا العمل لم يسبقا إليه أحد على هذا النحو من الشمولية والموسوعية.
كما تكمن أهمية هذه الموسوعة أنها شملت عقائد هؤلاء الأعلام ودراستها دراسة علمية دقيقة من خلال ما هو منثور في تراجمهم أو من كان له نتاج علمي فإننا نقوم بتقصي الجانب العقدي في مؤلفاته المطبوعة ومثل هذا العمل أيضًا ننفرد به حيث لم يسبق أن جمع عقائد هؤلاء في مصنف واحد وبمثل هذه الموسوعية، كما بذلنا جهدًا في تقنص الفوائد والطوائف المنثورة في تراجم هؤلاء.
وبهذا نكون قد جمعنا وحوينا في هذه الموسوعة الشتات الكبير تقريبًا وتسهيلًا للباحث وكما أوضحت في المقدمة أن كثيرًا من المصادر والمراجع إما أن تكون نفدت طباعتها أو أنها مفقودة أو أنها نادرة كما أن الكثير من الباحثين بل حتى الكثير من المكتبات العامة يفتقدون مثل هذه المصادر والمراجع من كتب التراجم ويصعب عليهم اقتناؤها فموسوعتنا التي جمعت في ثلاث مجلدات تكون قد حوت هذا الكم الهائل وأراحت الباحثين من عناء الجمع والتقصي.
منهجنا وعملنا في هذه الموسوعة:
لقد بذلنا جهدًا كبيرًا في وضع خطة العمل لهذه الموسوعة وأستطيع أن ألخص العمل بالخطوات التالية:
مقدمة / 6
١ - قمنا بجرد جميع المؤلفات التي عُنيت بأنواع التراجم المختلفة ككتب التواريخ والطبقات والبلدان والتراجم المخصصة كالمشيخات والتراجم العامة وكل مصدر أو مرجع يحوي ترجمة مفسر أو نحوي أو لغوي فربما وجد نحوي أو لغوي أو مفسر في تراجم المحدثين أو الفقهاء لجمعه وبروزه في كلا التخصصين أو أكثر من تخصصين فهناك من الأعلام من جمع في بروزه بين التفسير واللغة والحديث والفقه وكان له نتاج علمي فيها كلها.
٢ - رجعنا إلى كثير من البحوث والرسائل الجامعية التي كتبت في علم من الأعلام في دراسة متقصية فاستفدنا من جانب العقيدة لهذه الدراسة خاصة كما استفدنا من عموم الترجمة.
٣ - كما تقصينا مؤلفات صاحب الترجمة مما هو مطبوع لنستفيد منها في تحديد عقيدته.
٤ - المترجم لهم في هذه الموسوعة من حيث جانب العقيدة على ثلاثة أحوال:
الحال الأول: من لم يذكر عن عقيدته أي شيء ومثل هذا لا يمكن الحكم على عقيدته فننقل مجرد الترجمة لأن الأصل في المسلم سلامة العقيدة حتى يظهر لنا بالبراهين القاطعة ما ينافي ذلك.
الحال الثانية: أحكام عامة على صاحب الترجمة حكم عليهم بها الأعلام الكبار أو بعض العلماء وقد تكون هذه الأحكام مجملة وقد تكون مفصلة مدعومة بدليل أو برهان على ذلك.
الحال الثالثة: أن يكون لصاحب الترجمة نتاج من مؤلفات فإننا نرجع إلى مؤلفاته لنتقصى ترجمته وعقيدته فننقل براهين قاطعة على فساد عقيدته وإن كان سليم العقيدة فلا حاجة لنا إلى أن ننقل برهانًا على ذلك.
٥ - رجعنا إلى كتب العقائد المختلفة والرسائل الجامعية في هذا التخصص فاستفدنا منها جانبًا كبيرًا فيما يخص هذه الموسوعة.
٦ - أثبتنا قبل كل علم الفن الذي اشتهر به فإن جمع فيه أكثر من فن أثبتناه جميعًا.
٧ - حاولنا أن تأخذ الترجمة طابع الاختصار سواء من حيث مشايخ العلم أو تلاميذه إذ نكتفي بالبارزين منهم اثنين أو ثلاثة أو قريبًا من ذلك كما بذلنا أقصى الجهد في أن نودع في الترجمة أهم الفوائد والفرائد والطرائف على وجه الاختصار بعيدًا عن الإسهاب والإطناب إلا ما كان ضروريًا الإطالة فيه سيما في تفصيل جانب العقيدة لعَلَم له شهرته ونتاجه الكثير في الأوساط العلمية فمثله لا بد من التوضيح المسهب لكن مجمل الموسوعة تأخذ طابع الاختصار.
مقدمة / 7
٨ - أثبتنا قبل كل عَلَم الفن الذي اشتهر به فإن جمع فيه أكثر من فن أثبتناها جميعًا.
٩ - اسم العلم أثبتناه كاملًا مع كنيته وشهرته ولقبه دون الإسهاب في سلسلة النسب الطويلة وإن كان ثم خلاف في اسمه أو كنيته أو لقبه أوضحنا في الهامش ما ترجح لدينا بالأدلة والبراهين.
١٠ - ذكرنا أقوال أهل العلم بنصها وحروفها دون تصرف منا ومن الأقوال ما تحتاج إليه الترجمة نقلًا حرفيًّا.
١١ - كوني المشرف على هذه الموسوعة وضمن فريق العمل لذا رأيت بأن ينسب الاستدراك والتعليق والإيضاح إلي بصيغة "قلت" وذلك أن بعض الاستدراكات والتعليقات قد لا يوافقني بها أحد من فريق العمل وليس معنى ذلك أن أحدًا من فريق العمل مختلف معنا في جانب العقيدة كلا بل كلهم -بفضل الله ولا نزكي على الله أحدًا- على سلامة من العقيدة السلفية وصفاء المنهج.
١٢ - ذكرنا في الهامش وفي كل ترجمة من المصادر والمراجع التي نقلت منها الترجمة فأحلنا إليها مما يسهل على الباحث إن أراد التوسع لمعرفة صاحب الترجمة الرجوع إليها.
١٣ - قمنا بالتعريف للفِرَق والمِلَلَ والنِحَل في الهامش وتوضيح بعض المصطلحات ومَا كان مبهمًا أو غامضًا.
١٤ - ذكرنا في الترجمة بعض مؤلفات صاحب الترجمة وبالأخص التي اشتهر بها.
١٥ - كما ذكرنا سنة الولادة والوفاة لصاحب الترجمة وإن كان ثم اختلاف في تاريخ ولادته أو وفاته أوضحنا الراجح في ذلك أو نقلنا مجرد الخلاف دون ترجيح إن لم يتبين لنا الراجح من ذلك.
فهذه خلاصة منهجنا وعملنا في كتابة الموسوعة فنرجوا أن نكون قد وفقنا في إرساءِ قواعدها وأوتادها وفق المنهج العلمي الرصين.
إن كل مَنْ يمارس فن التراجم يواجه مشكلة معروفة للجميع ألا وهي عقلية وعقيدة المترجم وتأثيرها على المترجَم له، أي مدى تأثير فكره وما يعتقد به وما تشرب به من آراء ومعتقدات، وما تحلى به من عدل وإنصاف، فإن كثيرًا من أصحاب التراجم تسيطر عليهم عاطفة غير متزنة ومشاعر غير منضبطة، فإذا أحب أحدهم مذهبًا أو فئة أو شيخًا أو مدرسة أو فنًا من الفنون ونحو ذلك يتناول من يميل إليه بالثناء المطلق والتبجيل العام والمدح الدائم مع إغضاء مقصود عن عيوبه الظاهرة وتبرير لكل كتاباته الخاطئة وسلوكياته المنحرفة والبحث عن المعاذير والتبريرات لما يصدر منه من خطأ ظاهر.
مقدمة / 8
وفي مقابل ذلك تجد صاحب العاطفة المتطرفة التي تسيطر عليه عاطفته يذم بإطلاق ويبخس الناس أشياءهم، ويتحرى السقطات والزلات، وقد لا يرى المحاسن والفضائل.
وهذا لا يعني أبدًا أنه لا وجود لعلماء كتبوا في فن الترجمة كتبًا حافلة مليئة بالعدل والإنصاف كالإمام الطبري في تاريخه والإمام ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية" والذهبي في كتابيه "سير أعلام النبلاء" و"تاريخ الإسلام"، ومع هذا فقد تعرض للذهبي تلميذه السبكي بأنه منحاز للحنابلة -ولم يصب- فالذهبي من الأئمة المعتدلين ومن الذين شهد لهم أهل العلم بالإنصاف، والسبكي ﵀ نفسه بتبنيه للأشعرية ذم أصحاب شيخ الإسلام ابن تيمية وكل ذي توجه سلفي، حتى أصبح هذا معروفًا عن السبكي.
وأصحاب كتب التراجم أنواع، فمنهم من يبدع في هذا الفن، رغم أنه قد يعتمد على معلومات غيره إلا أنه يضيف أشياء إلى الترجمة ويحلل مواقف كثيرة، وقد يكون بعد ذلك منصفًا أو لا يكون.
ومنهم من يكون همّه جمع شتات حياة العالم من هنا وهناك دون نقد للروايات حول حياة العلَم مثال ذلك تاريخ ابن عساكر، ورغم أن أمثال هذهِ المؤلفات يوفر أشياء كثيرة لا يستهان في ترجمة عَلَم ما.
ومنهم من ليس له أي نوع من الإبداع سوى جمع كم من التراجم تحت شاكلة معينة وهؤلاء كُثر، بل إن أغلب مَنْ كتب في علم التراجم هو من هذا النوع والذين أبدعوا هم القلة.
ومن المترجمين من كتب في تراجم بلد معين فلم نجد أحدًا نافسه فأصبح الجميع عيال عليه إلى غير ذلك من النماذج المختلفة في ذلك.
منهجنا في إثبات عقيدة المترجم لهم:
المشاركون في هذا العمل جميعًا كلهم على عقيدة أهل السنة والجماعة ومعتقد السلف الصالح في الأسماء والصفات والإيمان والقدر وغيرها. لذلك فكل استدراكنا واعتراضنا على عقيدة العلم وفق ما نعتقده وندين الله به، ومع هذا فلم نقول أو نحمل العلم أي تفسير لعقيدته من فهمنا، بل أدرجنا كلماتهم ونقولاتهم بنصها وحرفها ونقلنا البحوث المكتوبة حوله كذلك، ثم علقنا عليها فمن وجد كلامنا يخالف معتقده ومنهجه فقد أثبتنا له عقيدته كما هي، ولعل في هذا من العدل والإنصاف ما يجعل مثل هذه الموسوعة مقبولة عند الجميع، وقد وجه بعض من بلغه العمل في موسوعتنا نقدًا بسبب تطرقنا لموضوع حساس ألا وهو عقائد الأعلام، فقد درج كثير من الباحثين المعاصرين تجنب الكلام حول العقائد إما إرضاءًا
مقدمة / 9
لأساتذته -إن كانت رسائل علمية -أو إرضاءًا للوضع والبيئة التي عاش بها الكاتب، أو لعدم معرفتهم عقيدة العَلَم.
والنقد الموجه لنا هو أن الموسوعة تخرج بنتيجة وهي أن أكثر أهل العلم من هؤلاء الأعلام على غير عقيدة أهل السنة والجماعة والسلف الصالح. والحقيقة أن هذا أمر لا يضير أصحاب الحق فقد أشار ابن كثير لذلك في "البداية والنهاية" وذكر أن أكثر علماء اللغة عقائدهم مبتدعة، والملاحظ أن كثيرًا من الروافض لهم اهتمامات متميزة باللغة، وقد بين الكاتب الكبير عبد الرحمن بن صالح المحمود في كتابه "موقف ابن تيمية من الأشاعرة" (٢/ ٤٩٧ - ٥٠٤) أسباب انتشار المذهب الأشعري وغيره من المذاهب، وكل هذا لا يشكل مانعًا من قبول ما عند المبتدع من حق مع بيان لبدعته إذْ لعله يقحم في فنه الذي عرف به شيئًا من بدعته، كما فعل الزمخشري عندما أدخل بعضًا من اعتزالياته في تفسيره المعروف، فتصدى له جمع من أهل العلم لإخراجها مع بقاء تفسيره من المراجع التفسيرية المهمة، وعلينا أن نقبل الحق وإن صدر من مبتدع إن كان حقًّا موافقًا للشرع؛ وفي هذا قال شيخ الإسلام: "والله أمرنا ألا نقول إلا الحق، وألا نقول عليه إلا بعلم، وأمرنا بالعدل والقسط فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني، فضلًا عن الرافضي، قولًا فيه حق أن نتركه أو نرده كله، بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق" (١). وقال ابن القيم ﵀: "أقبل الحق ممن قاله وإن كان بغيضًا، ورد الباطل على من قاله وإن كان حبيبًا" (٢)، وقال أيضًا: "فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة، وأهدرت محاسنه، لفسدت العلوم والصناعات" (٣)، وقال كذلك: " .. فإن كل طائفة معها من الباطل، ومن فتح الله له بهذه الطريق فقد فتح له من العلم والدين كل باب، ويسر عليه من الأسباب" (٤).
هذا ما قرره علماء الأمة في شأن هذه المسألة.
وفي الختام
فهذا جهدنا لا نقدر إلا أن نعترف أننا ولجنا لمثل هذه المواضيع الحساسة والتي تحتاج إلى من هو أكفأ منّا وأكثر علمًا، ولكن الذي حدانا لأن نكمله هو فتح الباب لمن هو خير منّا وسد ثغرة في المكتبة الإسلامية ومع ذلك فهو جهد خمس سنوات تذوقنا فيها من العناء والتعب في إعدادها وقد أبلى فريق العمل بلاء حسنًا يدل على كفاءتهم العالية في هذا المجال.
_________
(١) منهاج السنة (٢/ ٣٤٢).
(٢) مدارج السالكين (٣/ ٥٢٢).
(٣) مدارج السالكين (٢/ ٣٩).
(٤) طريق الهجرتين (٣٨٧).
مقدمة / 10
وما نبرئ أنفسنا من الخطأ أن يرشدنا ويوجهنا بقلب صادق ولسان ناصح، جانب النقص في هذه الموسوعة لأنها صادرة عن غير معصومين والله نسأل أن يجعل عملنا خالصًا لوجه الله تعالى والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الفقير إلى عفو ربه
وليد بن أحمد الحسين أبو عبد الله الزبيري
المدينة المنورة ٢٤/ ٤/ ١٤٢٤ هـ
alhikma ٥٩@hotmail.com
مقدمة / 11
الموسوعة الميسرة في تراجم أئمة التفسير والإقراء والنحو واللغة
«من القرن الأول إلى المعاصرين مع دراسة لعقائدهم وشيء من طرائفهم»
جمع وإعداد
وليد بن أحمد الحسين الزبيري
إياد بن عبد اللطيف القيسي
مصطفى بن قحطان الحبيب
بشير بن جواد القيسي
عماد بن محمد البغدادي
[المجلد الأول]
Shafi da ba'a sani ba
١ - أدم بن أحمد الأسدِي *
اللغوي: آدم بن أحمد بن أسد أبو سعد الأسدي الهروي من أهل هراة.
كلام العلماء فيه:
* المنتظم: "وكان أديبًا فاضلًا عالمًا باللغة .. روى عن عبد الكريم بن محمد أنه جرى بين هذا الأسدى وبين شيخنا أبي منصور الجواليقي نوع منافرة في شيء اختلفا فيه فقال له الأسدي: أنت لا تحسن أن تنسب نفسك. فإن الجواليقي نسبة إلى الجمع والنسبة إلى الجمع لا تصح".
وفاته: (٥٣٦ هـ) ست وثلاثين وخمسمائة.
٢ - أبان بن تَغلِب *
النحوي، اللغوي، المفسر: أبان بن تغلِب بن رباح -وقيل رياح- البكري الربعي الجُويري بالولاء، أبو سعد وقيل أبو أمية وقيل أبو سعيد.
من مشايخه: علي بن الحسين، ومحمد الباقر، وطلحة بن مصرف وغيرهم.
من تلامذته: شعبة بن الحجاج، وسفيان بن عيينة وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* معجم الأدباء: "ذكره أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في مصنفي الإمامية: فقال: هو جليل القدر، ثقة عظيم المنزلة في أصحابنا .. " أ. هـ
* تهذيب الكمال: "قال أبو محمد بن عدي: له أحاديث ونسخ، عامتها مستقيمة إذا روى عنه ثقة، وهو من أهل الصدق في الروايات، وإن كان مذهبه مذهب الشيعة، وهو معروف من الكوفيين .. وهو في الرواية صالح لا بأس به" أ. هـ.
* السير: "هو صدوق في نفسه، عالم كبير وبدعته (التشيع) خفيفة لا يتعرض للكبار، أ. هـ.
* ميزان الاعتدال: "الكوفي شيعي جلد، لكنه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته.
وقد وثقه أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وأبو حاتم، وأورده ابن عدي، وقال: كان غاليًا في التشيع.
وقال السعدي: زائغ مجاهر.
فلقائل أن يقول: كيف صاغ توثيق مبتدع وحدُّ الثقة العدالة والإتقان؟ فكيف يكون عدلًا من هو صاحب بدعة؟
وجوابه: أن البدعة على ضربين: فبدعة صُغرى كغلو التشيع، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرف؛ فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق. فلو رُدّ حديث هؤلاء لذهب جُملة من الآثار النبوية، وهذه مفسدة بيِّنة.
ثم بدعة كبرى؛ كالرفض الكامل والغلو فيه، والحطّ على أبي بكر وعمر ﵄ والدعاء إلى ذلك؛ فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة.
وأيضًا فما أستحضر الآن في هذا الضرب رجلًا صادقًا ولا مأمونًا، بل الكذب شعارُهم، والتقية والنفاق دثارهم، فكيف نقْلُ من هذا حاله! حاشا وكلا.
_________
* المنتظم (١٨/ ٢٢)، لم أجد له ترجمة في مصدر آخر.
* الفهرست للطوسي (٤٤)، معجم الأدباء (١/ ٣٨)، الكامل (٥/ ٥٠٨)، تهذيب الكمال (٢/ ٦)، السير (٦/ ٣٠٨)، الوافي (٥/ ٣٠٠)، غاية النهاية (١/ ٤)، تهذيب التهذيب (١/ ٨١)، البلغة (٤٢)، بغية الرعاة (١/ ٤٠٤)، طبقات المفسرين للداودي (١/ ٣)، أعيان الشيعة (٥/ ٣٢)، معجم المفسرين (١/ ٧)، الأعلام (١/ ٢٦)، معجم المؤلفين (١/ ٧).
1 / 1
فالشيعي الغالي في زمان السلف وعُرفهم هو من تكلّم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب عليًّا ﵁، وتعرض لسبهم.
والغالي في زماننا وعُرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة، ويتبرّأ من الشيخين أيضًا، فهذا ضالّ معثر ولم يكن أبان بن تغلب يعرض للشيخين أصلًا، بل قد يعتقد عليًّا أفضل منهما" أ. هـ.
* تهذيب التهذيب: "قلت -أي ابن حجر-: هذا قول مُنصف، وأما الجوزجاني فلا عبرة بحطِّه على الكوفيين، فالتشيع في عُرف المتقدمين هو اعتقاد تفضيل علي على عثمان. وإن عليًّا كان مصيبًا في حروبه، وإن خالفه مخطئ مع تقديم الشيخين وتفضيلهما، وربما اعتقد بعضهم أن عليًّا أفضل الخلق بعد رسول الله ﵌، وإذا كان معتقد ذلك ورعًا ديّنًا صادقًا مجتهدًا، فلا ترد روايته بهذا، لا سيما إن كان غيرَ داعية. وأما التشيع في عرف المتأخرين فهو الرفض المحض، فلا تقبل رواية الرافضي الغالي ولا كرامة.
وقال ابن عجلان: ثنا أبان بن تغلب رجل من أهل العراق من النساك ثقة. ولما خرّج الحاكم حديث أبان في "مستدركه" قال: كان قاص الشيعة وهو ثقة، وكان غاية من الغايات. وقال أحمد بن سيّار: مات سنة (٤١ هـ). وقال العقيلي: سمعت أبا عبد الله يذكر عنه عقلًا وأدبًا وصحة حديث، إلا أنه كان غاليًا في التشيع. وقال ابن سعد: كان ثقة. وذكره ابن حبان في "الثقات" وأرخ وفاته، ومنه نقل ابن منجويه. وقال الأزدي: كان غاليًا في التشيع، وما أعلم به في الحديث بأسًا" أ. هـ.
* الأعلام: "من غلاة الشيعة من أهل الكوفة" أ. هـ.
قلت: ومما سبق نعلم أن أبان بن تغلب هو شيعي المعتقد خفيف البدعة كما قرر ذلك الذهبي في ميزان الاعتدال وابن حجر في لسان الميزان. وأن التشيع في عرف المتقدمين هو اعتقاد تفضيل علي على عثمان وإن عليًّا كان مصيبًا في حروبه، وهذا لا يكفي لرد روايته، لا سيما إن كان غير داعية. والله أعلم.
وفاته: سنة (١٤١ هـ) إحدى وأربعين ومائة.
من مصنفاته: "غريب القرآن" ولعله أول من صنف في هذا الموضوع، و"معاني القرآن" و"صفين".
٣ - الأحمر البَجْلي *
النحوي، اللغوي: أبان بن عثمان الأحمر بن يحيى بن زكريا اللؤلؤي ويعرف بالأحمر البَجْلي مولاهم أبو عبد الله.
من مشايخه: أبي عبد الله جعفر، وأبي الحسن موسى بن جعفر وغيرهما.
من تلامدته: أبو عبيدة معمر بن المثنى، ومحمد بن سلّام الجمحي وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* معجم الأدباء: "ذكره الطوسي في كتاب أخبار مصنفي الإمامية" أ. هـ.
_________
* معجم الأدباء (١/ ٣٩)، ميزان الاعتدال (١/ ١٢٤)، لسان الميزان (١/ ١١٨)، الوافي (٥/ ٣٠٢)، البلغة (٤٣)، البغية (١/ ٤٠٥)، سفينة البحار (١/ ٨)، أعيان الشيعة (٥/ ٤٤)، الأعلام (١/ ٢٧)، معجم المؤلفين (١/ ١).
1 / 2
* ميزان الاعتدال: "تُكلّمَ فيه ولم يتُرك بالكلية وأما العقيلي فاتهمه .. " أ. هـ.
* لسان الميزان: قال تعليقًا على كلام الذهبي في ميزان الاعتدال: "ولم أر في كلام العقيلي ذلك. وإنما ترجم له -وساق حديثًا- قال العقيلي: ليس له أصل ولا يروي من وجه يثبت انتهى. وقال الأزدي: لا يصح حديثه. انتهى وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال يخطئ ويهم .. وكان أديبًا عالمًا بالأنساب. انتهى. وقال محمد بن أبي عمر: كان أبان من أحفظ الناس بحيث أنه يرى كتابه، فلا يزيد حرفًا انتهى" أ. هـ.
* أعيان الشيعة: "وعدّه الكشي من الفقهاء من أصحاب أبي عبد الله (﵇) الذين أجمعت العصابة [تعبيرًا عن أهل السنة] على تصحيح ما يصح عنهم وتصديقهم فيما يقولون وأقروا له بالفقه ولم يُروَ فيه قدح من أحد من أهل الرجال ولا غيرهم سوى رواية ابن أبي البلاد وهي: عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: (كنت أقود أبي وقد كان كف بصره حتى صرنا إلى حلقة فيها أبان الأحمر فقال لي عمن تحدث قلت عن أبي عبد الله فقال: ويحه سمعت أبا عبد الله (﵇) يقول: أما منكم الكذابين ومن غيركم المكذبين) .. ويعرف أيضًا بروايته عن أبي بصير وعن أبي مريم عبد الغفار .. " أ. هـ.
* سفينة البحار: "وهو من الناووسية (١) .. وهو ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه .. " أ. هـ.
* الأعلام: "عالم بالأخبار والأنساب. إمامي أصله من الكوفة وكان يسكنها تارة ويسكن البصرة تارة أخرى" أ. هـ.
وفاته: نحو (٢٠٠ هـ) مائتين.
من مصنفاته: له كتاب جمع فيه المبدأ والمبعث والمغازي، والوفاة والسقيفة والردة، وذكر الفيروزآبادي أن له عدة تصانيف.
_________
(١) فهي الناووسية: فرقة من الشيعة الجعفرية، من الغلاة الرافضة، لقبوا الناووسية إما لأن رئيسهم كان يقال له عجلان بني ناووس من أهل البصرة، ولأن لقبه ناووس. كان نسبة إلى قرية بهذا الاسم والناووسية يسوقون الإمامة إلى جعفر الصادق بنص أبيه الإمام محمد الباقر. وادعوا أن الصادق لم يمت، وأنه حي، ورووا عنه أنه قال لو رأيتم رأسي قد أهوى عليكم من جبل (وفي قول آخر عليكم من الجبل)، فلا تصدقوه فإني أنا صاحبكم، صاحب السيف.- ورووا أنه قال أيضًا إن جاءكم من يخبركم عى أنه مرضنى، وغسلنى، وكفننى، فلا تصدقوه، فإني صاحبكم، صاحب السيف.
وزعمت هذه الفرقة أن الصادق ما يزال يلي أمر الناس، وأنه المهدي المنتظر، وقال بعضهم إن الذي كان يتبدى للناس لم يكن جعفرًا، وإنما تصور للناس في الصورة.
وانضم إلى هذه الفرقة قوم من السبئية، فزعموا جميعًا أن جعفرًا كان عالمًا بجميع علوم الدين العقلية والشرعية، وكانوا إذا عرضت لهم مسألة فقهية يقولون فيها ما قال أبو عبد الله (يقصدون جعفرًا).
وقيل إن هذه الفرقة زعمت أن عليًّا باق، وستنشق الأرض عنه يوم القيامة فيملأ الأرض عدلًا"، موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب الإسلامية: (٣٨٩) تأليف الدكتور عبد المنعم الحفني، الطبعة الأولى (١٤١٣ هـ -١٩٩٣ م) دار الرشاد.
1 / 3
٤ - أبان بن عثمان اللَّخمي *
اللغوي، المفسر، المقرئ: أبان بن عثمان بن سعيد اللَّخمي، الشَّذوني أبو الوليد.
من مشايخه: سمع من قاسم بن أصبغ، ومحمد بن عبد الملك بن أيمن وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* البغية: "كان نحويًا لغويًّا جيد الاستنباط بصيرًا بالحجة وكان ينسب إلى اعتقاد ابن مسرة" (١) أ. هـ.
* معجم الفلاسفة: "كان أبوه عبد الله شغوفا بالنظر اللاهوتي، وقد تردد في المشرق على حلقات المعتزلة والباطنية، ولم يكن ابنه تجاوز السابعة عشرة حينما التف من حوله رهط من التلاميذ. وقد اختلى معهم في صومعة فِي أرباض قرطبة. وحامت من حوله الشبهات. ورمي بتهمة الإلحاد، فآثر أن يهاجر مع اثنين من تلاميذه الأثيرين. وارتحل إلى مكة والمدينة، واتصل بالمدارس الشرقية. ولم يعد إلى الأندلس إلا في عهد عبد الرحمن الثالث. ولكنه بات يلتزم الحذر، ولم يطلع إلا حفنة ضئيلة من الأتباع على مذاهبه التي أعطاها صورة رموز. وقد وضع فلسفة بكاملها وطريقة للحياة الروحية. ولكننا لا نعرف مع الأسف عناوين كتبه أو عددها. ويمكن أن نذكر له اثنين فقط: كتاب "التبصرة" وكتاب "الحروف"، ويتضمن ما عرف بالجبر الروحي. وكانت كتبه تتداول من يد إلى يد، وتخفى عن الفقهاء. ومات المعلم، محاطا بتلاميذه، عن أقل من خمسين سنة عام (٣١٩ هـ / ٩٣١ م).
تجمع مذاهبه بالإجمال بين الإفلاطونية المحدثة والغنوصية، وتعزو نفسها إلى (الحكيم انباذوقلس) وتقول بوجود مادة روحانية تشترك فيها جميع الكائنات عدا الذات الإلهية، وكانت مدرسة ابن مسرة أول فرقة صوفية تأسست في الأندلس. وقد أخذت بباطنية صارمة، ويتنظيم هرمي سري. وكان من أبرز من تأثروا بالمذهب المسري ابن عربي.
كان يبدو لسامعيه العاديين صوفيًا برئ نطقه وكلامه من أي دليل على زيغ العقيدة، ولكنه كان في الباطن، بين حلقة تلاميذه المقربين. أستاذًا للحقيقة التي لا تقبل المصانعة. كانوا يرون في كلامه معنى خفيفًا عميقًا لا يفهمه إلا الصفوة المنتخبون. وهو أول من قدم للغرب الإستعمال الغامض الملتبس للكلمات الاعتيادية عمدا وتقصدًا" أ. هـ.
وفاته: سنة (٣٧٦ هـ)، وقيل (٣٧٧ هـ) ست وقيل سبع وسبعين وثلاثمائة.
_________
* تاريخ العلماء والرواة لابن الفرضي (١/ ٣١ - ٣٢)، معجم البلدان (٣/ ٣٢٩)، تاريخ الإسلام (وفيات ٣٧٦) ط. تدمري، البغية (١/ ٤٠٥) الموسوعة الفلسفية (٢٢)، معجم الفلاسفة (٣٠) تأليف جورج طرابيشي -دار الطليعة- بيروت.
(١) ابن مسرة المولود سنة (٢٦٩ هـ) والمتوفي سنة (٣١٩ هـ). بدأ يعلم في السابعة عشرة، واعتزل وتلاميذه في صومعة بجبال قرطبة ومات بها، وكان فيلسوفًا متصوفًا، ويقوم مذهبه على فلسفة أمباد وقليس ويقول بنظرية الفيض الترابي للجواهر الخمسة، المادة الأولى والعقل والنفس، والطبيعة والمادة الثانية والمادة الأولى هي الواحد البسيط الذي لا يحده وصف، ولكنه مادة مدركة، وإن كانت مغايرة لمادة عالمنا وسابقة عليها. انظر "الموسوعة الفلسفية"، تأليف عبد المنعم الحفنى (ص ٢٢) -طبعة دار ابن زيدون- بيروت.
1 / 4
من مصنفاته: اشتهر بمؤلفيه "كتاب التبصرة" و"كتاب الحروف".
٥ - أبان بن يزيد العطّار *
المقرئ: أبان بن يزيد بن أحمد، أبو يزيد البصري العطار الحافظ.
من مشايخه: قرأ على عاصم، وروى الحروف عن قتادة بن دعامة وغيرهما.
من تلامذته: بكار بن عبد الله العودي، وحرمي بن عمارة وشيبان بن فروخ وغيرهم.
كلام العلماء فيه:
* السير: "قال أحمد بن حنبل: كان ثبتًا في كل مشايخه. وقال يحيى بن معين وأحمد العجلي والنسائي: كان ثقة، زاد العجلي: يرى القدر. وقال أحمد بن زهير: سئل يحيى ابن معين عن أبان وهمام، فقال: كان يحيى القطان يروي عن أبان، وكان أحبّ إليه من همام، وأنا: فهمام أحب إلي، وقال أبو حاتم: صالح الحديث.
قلت -أي الذهبي- الرجل ثقة حجة، قد احتج به صاحبا (الصحيح) ولم أقع بتاريخ موته وهو قريب من موت رفيقه همَّام بن يحيى (١) " أ. هـ.
* تاريخ الإسلام: "قال أحمد العجلي: ثقة يرى القدر ولا يتكلم فيه" أ. هـ.
قلت: كذا في تذكرة الحفاظ وتهذيب التهذيب.
* ميزان الاعتدال: "وقد أورده أيضًا العلامة أبو الفرج بن الجوزي في "الضعفاء" ولم يذكر فيه أقوال من وثقه. وهذا من عيوب كتابه، يسرد الجرح ويسكت عن التوثيق ولولا أن ابن عدي وابن الجوزي ذكرا أبان بن رزيد لما أوردته أصلًا" أ. هـ.
* غاية النهاية: "ثقة صالح .. " أ. هـ.
وفاته: قال ابن الجزري في غاية النهاية: " .. لا أعلم متى توفي ولا رأيت أحدًا ذكر له وفاة. وكان عندي أنه توفي بضع وستين ومائة تقريبًا، وكذا ذكر الذهبي في كتابه "التذهيب" ثم ظهر لي أنه توفي بعد ذلك بسنين". والله أعلم.
٦ - اللَّقَاني *
المفسر: إبراهيم بن إبراهيم بن حسن بن علي بن علي بن علي بن عبد القدوس اللقاني، أبو الأمداد، أبو إسحاق، برهان الدين المالكي.
من مشايخه: محمد البكري الصديقي، والشيخ الإمام محمد الرملي شارح المنهاج وغيرهما.
من تلامذته: ولده عبد السلام، والشمس البابلي، والعلاه الشبرامَلسي وغيرهم.
كلام العلماء فيه:
* خلاصة الأثر: "أحد الأعلام المشار إليهم بسعة الإطلاع في علم الحديث والدراية والتبحر في الكلام وكان إليه المرجع في المشكلات
_________
* التاريخ الكبير للبخاري (١/ ٤٥٤)، طبقات ابن سعد (٧/ ٢٨٤)، تهذيب الكمال (٢/ ٢٤)، تذكرة الحفاظ (١/ ٢٠١)، ميزان الاعتدال (١/ ١٣١)، السير (٧/ ٤٣١)، تاريخ الإسلام (وفيات الطبقة ١٧) ط. تدمري، الوافي (٥/ ٣٠١)، غاية النهاية (١/ ٤)، تهذيب التهذيب (١/ ٨٧)، طبقات الحفاظ (٨٧).
(١) كانت وفاة همام بن يحيى سنة (١٦٤ هـ) على أغلب الأقوال.
* خلاصة الأثر (١/ ٦)، فهرس الفهارس (١/ ١٣٠ و٢٨٤)، خطط مبارك (١٥/ ١٦)، هدية العارفين (١/ ٣٠)، معجم المفسرين (١/ ٨)، الأعلام (١/ ٢٨)، معجم المؤلفين (١/ ٨).
1 / 5
والفتاوى في وقته بالقاهرة وكان قوي النفس عظيم الهيبة تخضع له الدولة ويقبلون شفاعته وهو منقطع عن التردد إلى واحد من الناس يصرف وقته في الدرس والإفادة وله نسبة هو وقبيلته إلى الشرف لكنه لا يظهره تواضعًا منه وكان جامعًا بين الشريعة والحقيقة له كرامات خارقة ومزايا باهرة حكى الشهاب البشبيشي قال ومما اتفق له أن الشيخ العلامة حجازي الواعظ وقف يوما على درسه فقال له صاحب الترجمة تذهبون أو تجلسون فقال له اصبر ساعة، ثم قال: والله يا إبراهيم ما وقفت على درسك إلا وقد رأيت رسول الله ﷺ واقفًا عليه وهو يسمعك حتى ذهب وألف التآليف النافعة ورغب الناس في استكتابها وقرائتها وأنفع تأليف له منظومته في علم العقائد التي سماها بجوهرة التوحيد أنشأها في ليلة بإشارة شيخه في التربية والتصوف. صاحب (المكاشفات) و(خوارق العادات)، الشيخ الشرنوبي، ثم إنه بعد فراغه منها عرضها على شيخه المذكور فحمده ودعا له ولمن يشتغل بها بمزيد النفع وأوصاه شيخه المذكور أن لا يعتذر لأحد عن ذنب أو عيب بلغه عنه بل يعترف له به ويظهر له التصديق على سبيل التورية تركًا لتزكية النفس فما خالفه بعد ذلك أبدًا.
ومن شعره متوسلًا بالرسول ﷺ قوله:
يا أكرم الخلق قد ضاقت بي السبل ... ودق عظمي وغابت عني الحيل
ولم أجد من عزيز أستجير سوى ... قلب رحيم به تستشفع الرسل
مشمر الساق يحمي من يلوذ به ... يوم البلاء إذا ما لم يكن بلل
غوث المحاويج إن جَلَل ألم بهم ... كهف الضعاف إذا ما عمها الوجل
مؤمل البائس المتروك نصرته ... مكرم حين يعلو سره الخجل
كنز الفقير وعز الجود من خضعت ... له الملوك ومن تحيا به المحل
من لليتامى ثمال يوم أزمتهم ... وللأرامل ستر سابغ خضل
ليث الكتائب يوم الحرب إن حميت ... وطيسها واستحد البيض والأسل
من ترتجى في مقام الهول نصرته ... ومن به تكشف الغماء والعلل
محمد بن عبد الله ملجؤنا ... يوم التنادي إذا ما عمنا الوهل
الفاتح الخاتم الميمون طائره ... يجر العطاء وكنز نفعه شمل
الله كبر جاء النصر وانكشفت ... عنا الغموم وولى الضيق والمحل
بعزمة من رسول الله صادقة ... وهمة يمتطيها الجازم البطل
1 / 6
أغث أغث سيد الكونين قد نزلت ... بنا الرزايا وغاب الخل والأخل
ولاح شيي وولى العمر منهزمًا ... بعسكر الذنب لا يلوي به عجل
كن للمعنى مغيثًا عند وحدته ... وكن شفيعًا له أن زلت النعل
فجعلة القول أني مذنب وَجل ... وأنت غوث لمن ضاقت به السبل
صلى عليك إلهي دائمًا أبدًا ... ما أن تعاقبت الضحواء والأصل
وآلك الغر والصحب الكرام كذا ... مسلمًا والسلام الطيب الحفل
* معجم المفسرين: "فقيه مالكي عالم بالحديث وأصوله، متصوف نسبته إلى لقانه من البحيرة بمصر" أ. هـ.
* قلت: وهو صاحب القصيدة المشهورة التي شرحها الباجوري وغيره وقد سلك فيها المؤلف مسلك الأشاعرة وكذا شروحها. إضافة للتوسل بالرسول ﷺ وغيره، كما ذكر ذلك صاحب "جناية التأويل الفاسد" (١) حيث قال: "متكلم أشعري، صوفي، من تصانيفه جوهرة التوحيد ألفها بإشارة من شيخه الشرنوبي ..
ومن أشعاره:
وكل نص أوهَمَ التشبيها ... أولهُ أو فوض ورُم تنْزِيها
وفاته: سنة (١٠٤١ هـ) إحدى وأربعين وألف.
من مصنفاته: "تفسير القرآن"، و"توضيح ألفاظ الآجرومية"، و"قضاء الوطر".
٧ - بُصَيْلة *
النحوي، المفسر: إبراهيم بن إبراهيم الجَناجي الملقب ببُصَيلة: مفسر مصري، من فقهاء المالكية، من قرية جَناج من أعمال جرجا بمصر.
كلام العلماء فيه:
* قلت: لا يمكن الجزم بعقيدته ما لم نطلع على حاشيته على تفسير النسفي (٢) ولكن متأخري المالكية جلّهم أشعرية المعتقد، وتفسير النسفي سلك فيه مؤلفه مسلك الماتريدية.
وفاته: سنة (١٣٥٢ هـ) اثنتين وخمسين وثلاثمائة وألف.
من مصنفاته: "المطالب السنية" في التوحيد، حاشية على تفسير النسفي "الكنز الجليل" في ست مجلدات.
_________
(١) جناية التأويل الفاسد على العقيدة الإسلامية" تأليف الدكتور محمد أحمد لوح- دار ابن عفان.
* معجم المفسرين (١/ ٨)، الأعلام (١/ ٢٨)، معجم المؤلفين (١/ ٨).
(٢) تفسير النسفي المسمى "مدارك التنزيل وحقائق التأويل" لعبد الله بن أحمد بن محمود النسفي المتوفى سنة (٧٠٠ هـ)، ستمر ترجمته في موضعها.
1 / 7
٨ - الرِّيَاضي *
النحوي، المفسر: إبراهيم بن أحمد الشيباني، أبو اليسر المعروف بالرياضي.
ولد: سنة (٢٢٣ هـ) ثلاث وعشرين ومائتين.
من مشايخه: لقي الجاحظ والمبرد وثعلبًا وابن قتيبة وغيرهم.
تلامذته: أبو سعيد عثمان بن سعيد الصيقل وغيره.
كلام العلماء فيه:
* تكملة الصلة: "وكان عالمًا أديبًا ومرسلًا بليغًا ضاربًا في كل علم وأدب بسهم .. وكان أديب الأخلاق، نزيه النفس" أ. هـ.
* الأعلام: "أديب" من الكتاب العلماء .. أصله من بغداد وتوفي في القيروان" أ. هـ.
وفاته: سنة (٢٩٨ هـ) ثمان وتسعين ومائتين.
من مصنفاته: "لقط المرجان"، و"سراج الهدى" في معاني القرآن، و"قطب الأدب".
٩ - البُزُوري *
المقرئ: إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم، أبو إسحاق البزُوري (١) البغدادي.
من مشايخه: قرأ على إسحاق بن أحمد الخُزَاعي، وأحمد بن فرح، وأحمد بن يعقوب بن أخي العرق وغيرهم.
من تلامذته: قرأ عليه عبد الباقي بن الحسن، وعلي بن محمد الحذاء وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* تاريخ بغداد: "قال محمد بن أبي الفوارس: .. كان من أهل القرآن والستر، ولم يكن محمودًا في الرواية، وكان فيه غفلة وتساهل" أ. هـ.
* معرفة القراء: "مقرئ كبير" أ. هـ.
* تاريخ الإسلام: "كان من أئمة هذا الشأن يعني القراءات" أ. هـ.
* غاية النهاية: "شيخ جليل .. وقول الهذلي أن الشذائي قرأ عليه غلط فاحش" أ. هـ.
وفاته: سنة (٣٦١ هـ) إحدى وستين وثلاثمائة.
١٠ - البَكرِي *
اللغوي، المفسر: إبراهيم بن أحمد بن علي بن أسلم (٢) البكري، أبو إسحاق الجبنياني البسكَري.
ولد: سنة (٢٧٩ هـ) تسع وسبعين ومائتين.
من شيوخه: عيسى بن مسكين، وابن اللباد، وأبي محمد بن سهلول وغيرهم.
من تلامذته: أبو القاسم اللبيدي، وأبو بكر المالكي وغيرهما.
كلام العلماء فيه:
* ترتيب المدارك: "أحد أئمة المسلمين، وأبدال
_________
* معجم المفسرين (١/ ٨)، نفح الطيب (٢/ ١١٥)، تكملة الصلة (١/ ٧٧٣)، معجم المؤلفين (١/ ١٠)، الأعلام (١/ ٢٨، ٦٠) وقد كرر ترجمته في (١/ ٦٠).
(١) في الأنساب: هذه النسبة إلى البزور وهي جمع البزر، وعندنا يقال هذا لمن يبيع البزور للبقول وغيرها.
* ترتيب المدارك (٤/ ٤٩٧)، الديباج المذهب (١/ ٢٦٤)، طبقات المفسرين للداودي (١/ ١)، شجرة النور (٩٥)، معجم المفسرين (١/ ٩).
(٢) في ترتيب المدارك (مسلم).
1 / 8
أولياء الله الصالحين" ثم قال: "فكان ربما لقيه قوم فيسلم على بعضهم ويتفرس في آخرين فراسة سوء، فيقف عن السلام عليهم، فيكشف عنهم، فيوجدون على ضلالة، وله في هذا الباب أخبار مأثورات كثيرة .. ".
وقال: "قال عمر بن مثنى: كل من أدركت بهذا الساحل من عالم أو عابد، يستتر ويتروى بدينه، خوفًا من بني عبيد، إلا أبا إسحاق، فإنه واثق بالله، ملم .. ومسك الله به قلوب المؤمنين، وأعز به الدين، وهيّبه في أعين المارقين".
قلت: وكان له مع الشيعة مواقف يذود عن السنة ضدهم كما في حادثته مع سلطان الشيعة في وقته عندما أراد به السوء، وأرسل له من يتجسس له ضده، فعندما علم به الشيخ البكري دعا على الرجل الذي تجسس عليه بعد أن ادعى ذلك الرجل عن الشيخ: أنه عدو السلطان في دينه وأموره، فذهبت عيناه. انظر الترتيب نقلناها منه مختصرًا.
وهو في ذلك لا يعطي للسلطان أو غيره من الشيعة مجالًا ضد أهل السنة، رحمه الله تعالى.
وذكر أيضًا في الترتيب: "قال بعض أصحابه: لما حججت أتيت معي بحصيات من حصباء المسجد الحرام، فقلت لأبي إسحاق: إني أتيت معي بحصيات من حصباء المسجد الحرام، أتحب أن أعطيك منهن شيئًا تسبح بها؟ فقال لي: يا أحمق، أرم بهن، فعلى أقل من هذا، عبدت الحجارة".
وقال: "قال محمد بن سهلون: قلت لأبي إسحاق، ما تقول في يزيد بن معاوية؟ فسكت عني. ثم قال لي: إن أهل السنة لا يكفرون أحدًا من أهل القبلة بذنب دون الشرك. ولكن ليس على المرء أن يحب ما يكره، كما يحب ما يحبه". ثم قال القاضي عياض: "وقال: لو سألت عنه المسألة أبا الحسن الأشعري فيما أراه ما كان يجيب فيها بأكثر من هذا .. " أ. هـ.
* الديباج: "كان من أعلم الناس باختلاف العلماء عالمًا بعبارة الرؤيا، ويعرف حظًا من اللغة والعربية، حسن القراءة للقرآن، يحسن تفسيره وإعرابه، وناسخه ومنسوخه .. "
وقال أيضًا: "وكان أبو الحسن القابسي يقول: الجبنياني إمام يقتدى به، وكان أبو محمد بن أبي زيد يعظم شأنه، . ويقول: طريق أبي إسحاق خالية لا يسلكها أحد في الوقت" أ. هـ.
* شجرة النور: "من العلماء العاملين والأولياء الصالحين مجمع على فضله وورعه، معروف يتبرك به" أ. هـ.
قلت: ولقد ذكر له القاضي عياض في ترتيب المدارك أحوالًا من الكرامات والزهد والورع والعبادة واستقصاره بنفسه وعلى أهله ما يدل على فضله وحسن دينه على ما فيه من تقشف واقتصار ينهج فيه نهج المتصوفة في وقته. كما قال عندما عوتب في تقشفه هذا: "الرقاد مع الكلب على المزابل وأكل خبز الشعير، بنخالته، كثير لمن كان يرجو في الآخرة شيئًا" أ. هـ. من ترتيب المدارك.
فائدة من أقواله: وكان قلما يترك ثلاث كلمات جامعة للخير: "اتبع لا تبتدع، اتضع لا ترتفع، منْ ورع لم يتسع"، ويقول: "إذا رأتك زوجتك وولدك وخادمك تعصي الله كان أول من يذلك هم".
1 / 9