362

The Compendium of Prayer Rules - Mahmoud Owaida

الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة

Nau'ikan

وأيضًا فإن الحديث الآتي يدل على أن داخل الفم وداخل الأنف ليسا من الوجه، عن عمر بن عبسة قال «... قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء، قال: ما منكم من أحد يقرب وضوءه ثم يتمضمض ويستنشق وينتثر إلا خرَّت خطاياه من فمه وخياشيمه مع الماء حين ينتثر، ثم يغسل وجهه كما أمره الله تعالى إلا خرجت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء ...» رواه أحمد. فهذا الحديث فرَّق بين المضمضة والاستنشاق وبين غسل الوجه، ودلالته واضحة. وأيضًا حديث عبد الله الصُنَابِحي عند النَّسائي وأحمد ومالك وابن ماجة، وقد مر بتمامه في بحث فضل الوضوء، وفيه «إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه ...» ودلالته واضحة كذلك. وبذلك يظهر خطأ القول إن الأمر بغسل الوجه هو أمرٌ بالمضمضة. على أن أدلة القائلين بأن المضمضة سُنَّة هي أيضًا ليست بذاك وإن كان رأيهم صحيحًا، فحديث عشر من الفطرة، وذِكرُ المضمضةِ فيه لا يصلح للاستدلال هنا، لأن الحديث لم يأت في موضوع الوضوء، وكل ما جاء فيه يجب فصله عن الوضوء، فالمضمضة الواردة في الحديث هي من الفطرة كنتف الإبط وحلق الحانة، فهي صنف من أصناف التنظيف، وما جرت عليه عادة المرسَلين والناس سابقًا ولاحقًا لأنها من جِبِلَّة البشر، وهي ليست مضمضة وضوء ولا مضمضة عبادة. وأما حديث ابن عباس «المضمضة والاستنشاق سُنَّة» ففيه إسماعيل بن مسلم ضعيف قاله الدارقطني. وضعفه ابن حجر. فليس يبقى لهم سوى الآية كدليل صالح للاحتجاج والدلالة وهي كافية. فالمضمضة سُنَّة، والوضوء دونها مُجزئ، ولا إعادة على تاركها.

1 / 362