The Compendium of Prayer Rules - Mahmoud Owaida
الجامع لأحكام الصلاة - محمود عويضة
Nau'ikan
وبالوصول إلى هذه النقطة نجد أن المسألة صارت سهلة متقاربة، لأن أيًا من المعنيين ليس منفصلًا عن الآخر ولا بعيدًا عنه، فإنَّ ما بينهما من فارق ليس كما بين الحَدَث والمؤمن، وليس كما بين المؤمن والمتطهِّر من النجاسة، وإنما هما شيء واحد أو جنس واحد من شقين، ولذا سُميا الحدث الأكبر والحدث الأصغر، فكلاهما حدث، ويدخل الأصغر في الأكبر حين القيام بالأكبر إلى غير ذلك، فحين يريد الشرع أن يطلبهما يقول: تطهَّروا أو ارفعوا الحدث مثلًا، أما إن أراد أحدهما نص عليه وعيَّنه فقال: توضأوا للأصغر، وارفعوا الجنابة للأكبر وهكذا، فحين يقول الحديث أيها المؤمن لا تمسَّ المصحف إلا إذا تطهَّرت، أو إلا إذا كنت طاهرًا يجب صرفه إلى الإثنين وعدم صرفه إلى أحدهما إلا بقرينة، ولا قرينة هنا لهذا الصرف. ثم إنَّ الطهارة من الحَدَث الأكبر هي طهارة ناقصة لا تصلح وحدها للصلاة ولا للطواف، وهذا معلوم، وبرفع الحدث الأصغر تكتمل الطهارة وتتم، فحين يطلب الحديث شيئًا فإن المعنى الذي ينبغي أن يقفز إلى الذهن هو الشيء بتمامه، ولا يصح فهمُه على النقص إلا بقرينة، فالرسول ﵊ يطلب منا أن لا نمس المصحف إلا ونحن طاهرون، وحيث أن طهارتنا تكتمل بالوضوء، فالأصل وسلامة الفهم تدفعنا إلى القول بكامل الطهارة، سيما وأنه لا قرينة هنا على صرفها إلى النقص. من كل ما سلف يترجح لدينا أن مسَّ المصحف لا يصح إلا من رافعٍ للحدث بشقيه الأكبر والأصغر، وهذا هو رأي جمهور الأئمة والفقهاء.
1 / 282