باب فضل صلة الرحم
فيه حديث أبي أيوب [٨: ٦، ٤]:
(أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله، أخبرني بعملٍ يدخلني الجنَّة، فقال القوم: ما له، ما له؟ ! فقال رسول الله ﷺ: «أربٌ ما له: تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتقيم الصَّلاة، وتؤتي الزِّكاة، وتصل الرَّحم، ذرها»، قال: كَأَنَّهُ كَانَ عَلَ رَاحِلَتِهِ).
لم يتبين الشارحون وجه قول القوم: «مَا لَه، مَا لَه؟ !».
وأقول: إن قوله: «ذَرْهَا» يسفر عن وجه ذلك؛ بأن يكون هذا الرجل قد اعترض النبي ﷺ في سيره وأخذ بزمام راحلته، فقال القوم: «مَا لَه، مَا لَه؟ !» يعني حيث لم يُمْهِلْ حتى ينزل النبي ﷺ في بعض منازله فيسأله.
والظاهر أن الرجل كان من جملة القافلة، وجواب النبي ﷺ للقوم لدفع تعجبهم، أي أنه ما فعل ذلك إلا لِأَرَبٍ عظيم.
* * *
باب المِقَةِ من الله
فيه حديث أبي هريرة [٨: ١٧، ١٣]:
(عن النَّبيَّ ﷺ أنَّهُ قال: «إذا أحبَّ الله عبدًا نادى جبريل إنَّ الله يحبُّ فلانًا فأحبَّهُ فيُحبُّه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إنَّ الله يُحبُّ فلانًا فيُحبُّه أهل السَّماءِ، ثمَّ يوضع له القبول في أهل الأرض»).
* * *
ترجمة البخاري بـ «باب المقة في الله» ليشير إلى أن المراد بالقبول في أهل الأرض هو المحبة في ذات الله تعالى، كما ورد في الحديث الآخر في علامات الإيمان [١: ١٢، ٤]: «وأن يحبَّ المرءَ لا يُحبُّهُ إلاَّ لله».
فالمراد بالقبول أن تقبل عليه نفوس الناس وقلوبهم. والمراد بالناس المؤمنون الكاملون.